منصات الموسيقى خريطة رأس المال ودعم دولة الإبادة
لم تعد صناعة الموسيقى في العقدين الأخيرين مقتصرة على إنتاج الألبومات والأغاني، بل تحولتلمنصات رقمية عملاقة، مثل سبوتيفاي وديزر وآبل ميوزك، إلى أدوات فعل اقتصادي وسياسي عابر للحدود؛ فمنذ صعود آي تيونز مطلع الألفية، وصولاً إلى العقد الثاني من القرن الحالي الذي ترسّخت فيه هيمنة خدمات البثّ، لم تعد هذه الشركات مجرد موزّع ثقافي، بل باتت بنى تحتية رقمية تتحكم بالتدفق الموسيقي العالمي وتراكم بيانات المستخدمين. وهذا التحول كان من شأنه جعل الموسيقى جزءاً من شبكة أوسع ترتبط بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والمال، وفي حالات كثيرة بميادين الحروب.
ظهر هذا التشابك بوضوح مع بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، لينكشف معها من اصطفافات سياسية، واستثمارات قوى مالية نافذة في الحرب. ففي يونيو/حزيران الماضي، أعلن الرئيس التنفيذي لمنصة سبوتيفاي، دانييل إك، عن استثمار ما يقرب من 600 مليون دولار في شركة Helsing السويدية، وهي شركة ناشئة متخصصة في تطوير برمجيات عسكرية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لدعم ما تسميه بـالجيوش الديمقراطية.
لعبت الشركة دوراً في الحرب الروسية – الأوكرانية؛ إذ وفرت برمجيات لتحليل البيانات الميدانية لحظياً، وأنظمة للطائرات المسيّرة، ودعمت أنظمة قتالية برية وبحرية وجوية، مع تركيز خاص على الحرب الإلكترونية والتعرف على الأهداف.
لكن ما جعل استثمار إك مثيراً للشبهات، أن الجولة التمويلية التي قادها، رفعت القيمة السوقية لـHelsing إلى نحو 12 مليار يورو، وجعلته رئيس مجلس إدارتها وليس مجرد مستثمر فيها. وبعد انسحاب فرق موسيقية عدة من سبوتيفاي، وانتشار حملات المقاطعة التي شملت الفرقتين الأميركيتين Xiu Xiu وDeerhoof والفرقة الأسترالية King Gizzard، أعلن إك أن قراره هو نوع من الاستثمار في أمن الديمقراطيات الأوروبية في ظل ما وصفة بـالتهديدات العالمية، لكن كثيراً من الفنانين والناقدين رأوا في ذلك ازدواجية صارخة، معتبرين أن ثروته التي راكمها من الموسيقى والتي وصلت إلى 3.4 مليارات جنيه إسترليني يعاد توجيهها الآن إلى صناعة السلاح.
المفارقة أن هذه الأزمة جاءت بينما كانت سبوتيفاي تحاول رسم صورة إنسانية لها في الحرب الروسية الأوكرانية؛ إذ
ارسال الخبر الى: