قراءة تحليلية لنص قسوة وطفولة معذبة لـ أحمد سيف حاشد

77 مشاهدة
اخبار اليمن الان الحدث اليوم عاجل

يمنات

قسوة وطفولة معذبة

أحمد سيف حاشد

في مرحلة من طفولتي قمتُ بما لا يقوم به أقراني من الأطفال الذكور.. لطالما كنستُ الدار، ونظّفتُ كل ملاحقه ومرافقه.. كددتُ في الأرض، ورعيتُ الغنم، وحملتُ على رأسي روث البقر، وساعدتُ أمّي فيما لا تقوى عليه، خصوصاً عند الحمل والولادة, وبسبب الكنس، والدخان، وتجريب “الشقاوة”، انقطع النَفَس، وأصبتُ بالربو، وكدت أفارق الحياة مرتين.

في الصفين الخامس والسادس كنت أقطع كل يوم قرابة عشرة كيلومترات حتى أصل إلى المدرسة، وعشرة مثلها عند الإياب. كما عشتُ لاحقاً وأنا أدرسُ في القسم الداخلي، معاناة الجوع والعوز وسوء التغذية.

* * *

عشتُ مرحلة من طفولتي مع قسوة أبي التي تجاوزت ما كان مألوفاً ومعتاداً عند عموم الناس.. تمردتُ على أبي، وسلطته التي بدت لي يومها أنها قد أفرطَت واستَّبدت.. قاومتُ أكثر من ظلم أثقل كاهلي، وكنتُ أشعر أن الظلم يفترسني ويهرس عظمي كل يوم.

كانت سياسة أبي في التربية تستند في وجهها الأهم إلى الشدّة والقسوة.. كان أبي يعاملني معاملة بالمثل القاسي: “اضرب ابنك وأحسن أدبه، ما يموت إلا من وفى أجله” وكانت الفكرة لدى أبي في التربية، أن الضرب يشحط الرجال، ويجعلهم أفذاذاً.. كان أبي مقتنعاً بهذا، وبأن هذه التربية سبق تجريبها مع أخي عليٍ، وقد أتت أُكلها بما رام وارتجى؛ فاعتز به، وصار زاهياً باسمه، وممتلئاً بحضوره، ومتفاخرا بأبوته.

* * *

في مرحلة لاحقة من طفولتي كنتُ أساعدُ أمي وأبي في عمل دؤوب يطول ويزدحم، يبدأ من الفجر، ويستمر إلى بعد دخول الليل، وخلاله كان يتكرر ضربي من أبي في رحلة مُنهكة، لا تخلو يوماً من مشقة وعذاب وإكراه.

بات من الطبيعي والمعتاد كل يوم، هو ضربي المكرر من أبي، فيما كان غير الطبيعي أن يضربني أبي في يومٍ واحد أقل من مرتين.. أمّا إذا نجوت يوماً من الضرب فهو بالنسبة لي يوم مائز ومختلف، بل هو يوم عيد، لربما لا يعاد إلا في العام الذي يليه. يوم كهذا كان يستحق منّي الاحتفال.

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع يمنات لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح