بوتين في محاولة فهم ترامب
على الرغم من محاولته مطاردة سلوكات نظيره الأميركي دونالد ترامب، غير أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بات أقرب إلى فقدان صبره، رغم ماضيه الاستخباراتي في كي جي بي، لفهم شخصية ساكن البيت الأبيض. يتصرّف ترامب وكأنه يسبق الجميع بخطواته، من دون الالتفات لما إذا كانت مثل تلك الخطوات ملائمة لأطراف القضية التي يسعى، وفقاً له، إلى إيجاد حلول لها. يفرض ترامب ما يشاء اعتماداً على قوة النظام الأميركي لا على شخصه. تاريخياً، لم يكن الرئيس الأميركي مؤثّراً بهذه الحدّة، منذ كان رجل أعمال ومطوّر عقارات ونجم تلفزيوني، غير أن طبيعة النظام الأميركي، والقدرة على الاستفادة منه إلى أقصى حد، وتعلّماً من ولاية أولى (2017 ـ 2021)، سمح لترامب بالتفنّن في قراراته.
جديد تلك القرارات المتعلقة بالحرب الروسية على أوكرانيا، بدا ترامب وكأنه رفيق ليالي بوتين، قبل الافتراق عنه، ولو إلى حين، ملغياً لقاء قمّة محتملاً في بودابست، تاركاً الرئيس الروسي يهرول خلفه، كما بدا الأخير في كلمة له مساء الخميس، بقوله إن اللقاء تأجل ولم يُلغَ، فضلاً عن توجيه رسائل عدة إلى الأميركيين، يبدي فيها استعداده للتعاون. في المقابل، أظهر ترامب مراراً صورة أبوية في علاقته مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، كما تصادم معه مرّتين على الأقل، أشهرها مشادة البيت الأبيض في 28 فبراير/ شباط الماضي.
تناقضات ترامب بين بوتين وزيلينسكي تُربك المفاهيم السياسية، لكنها في الواقع تُربك الرجلين أيضاً. ومع أن زيلينسكي استوعب الرئيس الأميركي، متناغماً مع قراراته المتناقضة، في إطار عدم إغضاب رجلٍ يدّعي أنه أوقف ثمانية وتسعة حروب، لكن بوتين لم يتمكّن من ذلك، وربما لا يريد التحوّل إلى زيلينسكي آخر، ولا القبول بشروط أميركية في سياقات الحرب على أوكرانيا. بالعودة إلى الوراء أشهراً قليلة، كان ترامب مستعدّاً لإقناع زيلينسكي بترك الأراضي الأوكرانية التي احتلها الروس لمصلحة موسكو، كما اعتبر أن شبه جزيرة القرم الأوكرانية، التي ضمّتها روسيا بالقوة في عام 2014، إنما هي روسية. وجاهر ترامب عدّة مرّات برفض انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)،
ارسال الخبر الى: