صورة زيلينسكي بين قرارين
اليوم، وبعد أكثر من ثلاث سنوات من حرب اودت بحياة مئات الآلاف وأرهقت أوصال الدولة الأوكرانية، يقف الرئيس نفسه أمام مفترق لا يقل خطورة. لكنه هذه المرة لا يواجه قراراً لحظياً تحكمه غريزة القائد الوطني المقاتل، بل معادلة سياسية وعسكرية وجيوسياسية شديدة التعقيد: هل يواصل القتال حتى آخر جندي، أم يغامر بقبول هدنة تُجمّد الصراع دون أن تنهيه؟
تبدّل ميزان الحرب
الوقائع على الأرض تميل ضد كييف. ثبّتت سيطرتها على القرم وأجزاء واسعة من ، فيما تعاني أوكرانيا نقصاً في المقاتلين وتراجعاً في إمدادات السلاح الغربي. أوروبا، التي كانت في البداية شريكاً سياسياً، وجدت نفسها اليوم المموّل الأكبر للمعركة، بينما شعار استعادة حدود 1991 يبدو أبعد من أي وقت مضى.
وسط هذا الانهاك، برزت دبلوماسية سريعة الإيقاع: استقبل في ألاسكا، ثم اجتمع مع زيلينسكي وزعماء أوروبيين في البيت الأبيض، وبدأ يطرح علناً فكرة حوار مباشر بين الرئيسين الروسي والأوكراني.
صورة جديدة: ترامب في دور الوسيط، الأوروبيون يطالبون بضمانات، و عالق بين خسائر الجبهة وضغوط التفاوض.
معضلة الضمانات الأمنية
السؤال الجوهري في كل لقاء: أي حماية ستحصل عليها إذا أوقفت القتال؟ الأوروبيون يريدون تعهداً شبيهاً بالمادة الخامسة في ميثاق ، بينما يكتفي ترامب بوعود غامضة عن أمن جيد جداً. زيلينسكي، بواقعية قاسية، يجيب بكلمة واحدة: كل شيء.
الالتباس مقصود: أوكرانيا ترى أن أي تنازل إقليمي من دون مظلة أميركية ملزمة هو انتحار، روسيا تعتبر تلك الضمانات خطاً أحمر، أما ترامب فيوازن بين إرث صانع السلام وبين حدود التزامه العسكري.
الهدنة كخيار واقعي
كثير من الدبلوماسيين المخضرمين يحذّرون من الذهاب مباشرة نحو تسوية نهائية تشمل تنازلات في الأرض، لأن ذلك يكافئ المعتدي ويفتح الباب لتغييرات حدودية بالقوة. البديل الأكثر واقعية، برأيهم، هو وقف لإطلاق النار.
تجارب التاريخ ليست بعيدة: قبرص وكوريا منقسمتان منذ عقود، لكن وقف القتال هناك منع المزيد من الدماء. مثل هذا الترتيب لا يمنح الشرعية لموسكو، ولا يسقط حق كييف القانوني بأرضها، لكنه يوقف النزيف ويفتح ثغرة للحياة الطبيعية،
ارسال الخبر الى: