سيف أحمد حيدر الإنسان رجل الحوار والسلام

يمنات
قادري أحمد حيدر
بكل صدق وموضوعية، يمكن القول إن سيف أحمد حيدر كان واحداً من أبرز الوجوه الفكرية والسياسية التي جسّدت معنى “الكتلة التاريخية” في فكره وسلوكه اليومي وفي ممارساته الحياتية العملية.
كان نموذجاً للمثقف والسياسي الذي يربط بين الرؤية الفكرية والسلوك الإنساني، ويجعل من السياسة فعلاً أخلاقياً لا مجرد ممارسة سلطوية.
منذ أن كان طالباً في مصر في النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي، مروراً بخروجه من حزب البعث في ستينياته، وصولاً إلى تأسيسه الحزب الاشتراكي العلمي “حزب العمّال اليمني” مع نخبة من أبرز العقول اليمنية — وعلى رأسهم عمر الجاوي، وعبدالله حميد العلفي، وعبدالقادر هاشم، وعبدالباري طاهر — ظلّ سيف أحمد حيدر صوتاً مميزاً في ساحة الفكر والسياسة.
عرفته في السبعينيات، وتوثّقت علاقتنا خلال الثمانينيات والتسعينيات حتى رحيله المبكر الذي ترك فراغاً لا يُسد.
كان سيف أحمد حيدر بطبيعته ضد العنف بكل أشكاله. ملامحه وروحه وسكينته الداخلية كانت تمنح من يجالسه شعوراً بالألفة والطمأنينة والسلام حتى قبل أن يتحدث، وحين يتحدث — وهو قليل الكلام — تشعر أن الحوار نفسه يتجسّد أمامك، وأن السلام يأخذ هيئة بشرية تصافحك من خلاله. كان مثل نسمة رقيقة أو فراشة تُضيء المكان حتى لو احترقت لأجل الآخرين.
كان حقاً “سيفاً” للعدل والحق، إنساناً مفعماً بالكرامة الشخصية والوطنية، واسع الإنسانية بلا حدود. كريم النفس بطبيعته، لا يعرف البخل، ويده ممدودة للجميع دون سؤال أو تردد.
وكان مجلسه الأسبوعي في منزله كل يوم خميس شبيهاً بـ”الصالونات الأدبية” التي عرفها العالم العربي؛ ملتقى للفكر والأدب والسياسة، يرتاده مثقفون وسياسيون يمنيون وعرب، ومنهم السفير السوداني والأديب سيد أحمد الحردلو، والروائي والمصرفي الحسن محمد سعيد، والميرغني وغيرهم. كان ذلك المجلس ندوة فكرية حوارية تتقد بهدوء سيف، بصوته الخفيض وابتسامته الوادعة.
كان يؤمن بالعمل السياسي السلمي المدني، ويرى فيه الطريق الصحيح لانتزاع الديمقراطية من مخالب القمع.
وكان يعتبر أن العمل المسلح في الأرياف يعرقل المسار المدني في المدن، ويضع الريف — من غير قصد — في مواجهة
ارسال الخبر الى: