سماء مفتوحة وحدود هشة رحلة بناء سورية جديدة
دخلت سورية بعد ديسمبر/كانون الأول 2024 مرحلةً جديدة من التحولات السياسية والأمنية، وسط آمالٍ محليةٍ وإقليميةٍ بأن يشكِّل هذا التحول بدايةً لاستقرارٍ طال انتظاره. وفي هذه المرحلة، برزت تركيا كقوةٍ إقليميةٍ مؤثرة في المشهد السوري، باعتبارها الداعم الرئيسي للمناطق الشرقية، وممرّاً أساسياً للوصول إلى دمشق، بحكم موقعها الجغرافي وحدودها الطويلة مع سورية وإمكاناتها الاقتصادية والعسكرية الواسعة.
مع ذلك، يشير الواقع منذ تلك الفترة وحتى اليوم إلى أن الدور التركي ظل محدوداً وغير كافٍ، وتركَّز أساساً على الجوانب الأمنية دون أن يتحول إلى دعمٍ فعلي لبناء الجيش الجديد أو تعزيز الاقتصاد أو تأسيس مؤسسات سياسية قوية وفعالة.
على المستوى الأمني، تبرز هشاشة الدولة السورية الجديدة بشكل واضح، إذ لا تزال الاغتيالات والاشتباكات المسلحة مستمرة في معظم المناطق، مما يعكس ضعف الحكومة الجديدة في فرض القانون وحماية المدنيين. ورغم قدرة تركيا على تقديم دعمٍ عسكري وتقني لتقوية الجيش الجديد، فإن هذا الدعم لم يتحول إلى قوة منظمة قادرة على فرض السيطرة على كامل الأراضي السورية. واقتصرت الجهود على حماية بعض المدن والمفاصل الحيوية، دون بناء أجهزةٍ أمنيةٍ مستقلة قادرة على مراقبة الحدود أو منع تهريب الأسلحة أو حماية المدنيين من الجماعات المسلحة والتنظيمات الإرهابية.
أما على المستوى الاقتصادي، فإن الحدود المفتوحة مع تركيا تتيح إمكانياتٍ ضخمة لدعم الاقتصاد السوري عبر نقل النقد والبضائع والمعدات الأساسية. ويمكن لتركيا، من خلال شبكات الطاقة والنفط، أن تقدم دعماً يسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي، بما في ذلك ربط الشبكات الكهربائية وتزويد المناطق الحرجة بالنفط. ومع ذلك، لم تُستثمر هذه الإمكانيات بالشكل المطلوب، ولم تُنشأ برامج فعالة لإعادة الإعمار أو دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي يمكن أن تساهم في استقرار الدولة الناشئة، بينما لا يزال المواطن السوري يعاني من تراجع القوة الشرائية وارتفاع أسعار المواد الأساسية.
يتركز الدور التركي على الملفات الأمنية الحساسة، بينما تظل باقي مفاصل الدولة السورية غير مدعومة بالشكل الكافي
سياسياً، حاولت تركيا ضمان نفوذها عبر دعم حكومة أحمد الشرع، لكن هذا الدعم لم
ارسال الخبر الى: