من خان القدس اليوم سيخن مكة والمدينة غدا

36 مشاهدة

في سياق التحولات التي تمر بها المنطقة العربية والإسلامية، بات من الواضح أن معيار الوفاء والمصداقية لم يعد في الشعارات، ولا في الخطب التي تُلقى في المؤتمرات، بل في المواقف الحقيقية تجاه القدس، وتجاه المظلومين الذين يواجهون آلة الاحتلال في فلسطين ولبنان وغزة، وفي كُـلّ بقعة يُقهر فيها الإنسان تحت صمت الأنظمة.

ومن يتأمل مسار الأحداث خلال العقود الماضية يدرك أن قضية القدس لم تكن يومًا مُجَـرّد مِلف سياسي أَو ورقة تفاوض، بل كانت وما تزال البُوصلة التي تكشف حقيقة الأنظمة، وتفضح من يقف فعليًّا مع الأُمَّــة ومن يتاجر بها.

فالقدس ليست مدينة كبقية المدن، بل هي مقياس الهُوية، وامتحان الإيمان، ومفتاح العروبة.. وهي نقطة الالتقاء بين التاريخ والشرعية، وبين الدين والكرامة.

ومن يفرط فيها يفرط في كُـلّ شيء؛ لأن التفريطَ في القدس لا يأتي بمعزل عن التفريط في بقية القضايا.

فمن يساوم على القدس اليوم سيساوم غدًا على مكة والمدينة، وسيقايض القيم بالمصالح، والحق بالمال، والهُوية بالتحالفات الأجنبية.

ومن خان القدس سيخون أم القرى؛ لأن الخيانة ليست موقفًا منفصلًا، بل منهج يبدأ صغيرًا ثم يكبر حتى يصل إلى عمق الأُمَّــة وروحها.

إن الأنظمة التي فتحت أبواب التطبيع مع الاحتلال لا تستطيع الادِّعاء بأنها تدافع عن مكة أَو تحمي الحرمين؛ فمن يعجز عن حماية أولى القبلتين لا يمكن أن يُؤتمن على القبلتين الأخريين.

ومن يمد يده للاحتلال، ويستقبل ضباطه، وينسق مع أجهزته، لا يفعل ذلك من باب السياسة أَو البحث عن الاستقرار، بل لأن بوصلته الأخلاقية قد ضاعت، ولم يعد يرى في القدس إلا مِلَّفًا مزعجًا يريد التخلُّصَ منه لإرضاء القوى الكبرى.

لقد أثبتت التجربة أن الدفاع الحقيقي عن أم القرى لا يأتي من التحالفات الغربية، ولا من صفقات السلاح التي تُشترى بالمليارات، بل من الموقف الصادق تجاه فلسطين، ومن الانتماء الفطري لقضايا الأُمَّــة، ومن الإيمان بأن سقوط القدس هو سقوط للهيبة العربية والإسلامية، وأن بقاء الاحتلال تهديد مباشر لكل أرض عربية، من صنعاء إلى مكة، ومن غزة إلى بغداد.

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع المشهد الحربي لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح