حينما تموت المدن واقفة عدن قصة كفاح ونداء استغاثة ينتظر من يسمعه

287 مشاهدة
اخبار اليمن الان الحدث اليوم عاجل

كتب / غازي العلوي :

لم تكن عدن مجرد مدينة، بل كانت ملاذًا لأرواح التائهين، وأرضًا لاحتضان الأمل في عيون من ضاقت بهم الأرض. كانت مدينة بلا حدود، بلا عوائق، تمد يديها لكل من يحتاج إليها، وكانت تروي قصصًا من التضحية والصمود، تكتب حروفًا من الإنسانية بكل معنى الكلمة.

في ظل المعاناة التي كانت تُثقل كاهل كل من جاء إليها، لم تبخل عدن بشيء. كانت تعطي بلا حساب، كانت تضم الجميع في حضنها الحاني. ولا ننسى أن الكثير من الذين قدموا إليها، كانوا قد فقدوا كل شيء في مدنهم وأراضيهم. لكن عدن، بمساحاتها الصغيرة، احتضنتهم فكانت لهم وطنًا جديدًا. لم تميز بينهم، بل صنعت منهم جزءًا من تاريخها، وحين تخلى عنهم الزمان، كانت هي المكان الذي يمدهم بالحياة.

واليوم، في الوقت الذي كانت فيه عدن تُحيي الأمل في قلوبهم، نجد أن الكثير من هؤلاء الذين عاشت معهم المدينة أجمل أيامها، قد تنكروا لها. لقد نزعوا عن أنفسهم عباءة الوفاء، وتركوا عدن وحيدة في مواجهة أحزانها، وكأنها لم تكن تلك التي فتحت لهم أبوابها يومًا. هذا هو أقسى ما يمكن أن يُصاب به أي مكان، أن يُعامَل بمثل هذا الجحود من أولئك الذين احتضنتهم في أحلك الظروف.

عدن لم تكن مجرد مدينة تعيش فيها الأرواح، بل كانت قصة حب حيّة يرويها كل من عرف معنى اللجوء إلى أرض تُؤمن بالمحبة أكثر من السياسة، بالإنسانية أكثر من المصالح. وكل زائر لها يعرف كم كانت تحمل في جنباتها من التضحية، وكم كانت تشاركهم أوجاعهم وتقدم لهم عونًا لا يبخل. والآن، في وقت يحتاج فيه أبناء عدن إلى من يقف إلى جانبهم، نجد أن أولئك الذين ركنوا إليها قد سحبوا أيديهم، وتركوها تواجه مصيرها.

إن الظلم الذي لحق بهذه المدينة العريقة يتجاوز حدود السياسة، ويصل إلى أعماق إنسانيتها. فكيف لجئت عدن، مدينة السلم، أن تتحمل أعباء الأمل في زمن الانكسار؟ كيف لأرضٍ ضحت بكل ما لديها أن تُترك في خضم المعاناة دون من يواسيها؟

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع عدن 24 لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح