تسونامي شعبي يكتسح مشاريع الوصاية ويرسخ خارطة الاستقلال من الغيضة إلى باب المندب

في لحظة مفصلية من تاريخ الجنوب العربي المعاصر، خرجت محافظة المهرة عن بكرة أبيها، لا لتسجّل موقفًا عابرًا أو احتجاجًا تقليديًا، بل لتعلن بوضوح لا يقبل التأويل أن الجنوب قد حسم أمره وقرر مصيره، وأن إرادة الشعوب الحرة هي الصخرة التي تتكسر عليها كل مشاريع الوصاية والهيمنة. لم تكن مليونية الغيضة مجرد حشد جماهيري لرفع الشعارات، بل كانت “استفتاءً شعبيًا مفتوحًا” على الأرض، أكدت فيه المهرة – بتاريخها، وسلاطينها، وقبائلها، ونسائها، وشبابها – انتماءها الجنوبي الأصيل، وتمسكها بحقها غير القابل للمساومة في الحرية، والاستقلال، واستعادة دولة الجنوب العربي كاملة السيادة.
هوية متجذرة ورسائل سياسية عابرة للحدود
تدفقت الجماهير من مختلف مديريات المهرة الصحراوية والساحلية، رافعة أعلام دولة الجنوب العربي، ومجسدة لوحة وطنية جامعة امتزجت فيها الأهازيج والرقصات المهرية العريقة مع الشعارات السياسية السيادية. جاءت هذه المليونية في توقيت بالغ الحساسية، تزامنًا مع القصف الذي طال ميناء المكلا المدني، والتحولات في الموقف السعودي التي رآها الشارع الجنوبي تنكرًا لمعادلة الشراكة الحقيقية.
حملت الحشود رسالة مركزية مفادها أن المهرة ليست هامشًا جغرافيًا أو فراغًا سياسيًا يمكن استغلاله كساحة نفوذ إقليمي، بل هي ركيزة أساسية في مشروع الدولة الجنوبية. لقد فشلت كل محاولات سلخ المهرة عن محيطها الوطني أمام وعي المجتمع المهرّي الذي يدرك أن كرامته وأمنه لن يتحققا إلا في إطار دولة جنوبية مستقلة ذات قرار سيادي حر.
وحدة الصف: القيادة والقاعدة في خندق واحد
عكست مشاركة القيادات الجنوبية العليا، وفي مقدمتهم السلطان عبدالله بن عيسى بن عفرار، عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، مستوى الانسجام التام بين القيادة السياسية والقاعدة الشعبية. السلطان بن عفرار، الذي يمثل رمزًا تاريخيًا واجتماعيًا للمهرة وسقطرى، أكد في خطابه أن تحرير وادي حضرموت والمهرة هو خطوة استراتيجية لا رجعة عنها لبناء الدولة الفيدرالية المنشودة.
هذا الخطاب لم يكن مجرد استنهاض للهمم، بل كان قراءة واقعية لمعادلة القوة على الأرض؛ حيث بات واضحًا أن المجلس الانتقالي الجنوبي، مسنودًا بهذا التفويض الشعبي، هو الطرف الوحيد القادر على تمثيل
ارسال الخبر الى: