تحل الذكرى الرابعة والثلاثين لقيام الوحدة اليمنية في 22 مايو أيار 1990 اليوم الأربعاء في ظل تحديات وأزمات عدة تهدد وحدة اليمن أبرزها استمرار انقلاب جماعة الحوثيين على الدولة الذي بدأ في 21 سبتمبر أيلول 2014 وتهديد الانقلاب كيان الدولة وفي ظل تصاعد المطالبة بفك الارتباط والتي يرفعها المجلس الانتقالي الجنوبي المنادي باستعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة بحدود 1990 الوحدة اليمنية وانفجار الأوضاع في 22 مايو 1990 اتحدت دولتا الجمهورية العربية اليمنية شمال اليمن بقيادة حزب المؤتمر الشعبي العام مع جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية جنوب اليمن بقيادة الحزب الاشتراكي اليمني ليتم تأسيس الجمهورية اليمنية برئاسة الرئيس الأسبق الراحل علي عبد الله صالح وتعيين الرئيس علي سالم البيض نائبا له كذلك جرى تشكيل حكومة الوحدة اليمنية برئاسة حيدر أبو بكر العطاس فيما آلت رئاسة مجلس النواب يومها إلى ياسين سعيد نعمان لتبدأ بعد ذلك أزمة ناتجة عن حملة اغتيالات طاولت المئات من القيادات العسكرية والمدنية المحسوبة على الحزب الاشتراكي اليمني وترافقت مع ظهور أخطاء التوافق على الوحدة السياسية قبل دمج المؤسسات العسكرية والاقتصادية للنظامين في الشمال والجنوب في 27 إبريل نيسان 1994 اندلعت الحرب بين شطري اليمن عقب انفجار الوضع في معسكر تابع للحزب الاشتراكي في محافظة عمران شمالي صنعاء ليعلن علي سالم البيض الانفصال في 21 مايو 1994 في ظل ما بات يعرف بحرب صيف 1994 والتي حسمت في 7 يوليو تموز من ذلك العام بانتصار تحالف المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح وهزيمة شريك الوحدة الحزب الاشتراكي اليمني الذي فرت معظم قياداته حينها إلى خارج اليمن سالم ثابت العولقي مشروع الوحدة فشل بسبب الاختلاف السياسي والاقتصادي والثقافي والمدني بين شطري اليمن وعلى الإثر عمد الطرف المنتصر في الحرب إلى تسريح غالبية الجنوبيين من وظائفهم المدنية والعسكرية وصدرت أحكام بالإعدام ضد قيادات اتهمت بالمسؤولية عن إعلان الانفصال كما نهب معظم أراضي الجنوب التي كانت تحت التأميم في ظل النظام الاشتراكي الذي كان يحكم الجنوب في 7 يوليو 2007 تشكل ما يعرف بالحراك الجنوبي وهو حراك شعبي في جنوب اليمن بدأ بكيان جمعية المتقاعدين العسكريين والأمنيين المسرحين من عملهم وطالب الحراك الجنوبي النظام الحاكم بالمساواة وإعادة المسرحين العسكريين والمدنيين لكن سرعان ما تطورت المطالب وحملت بعدا سياسيا مع مطالبة الحراك الجنوبي باستقلال جنوب اليمن واستعادة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية استطاع الحراك الجنوبي فرض القضية الجنوبية لتكون إحدى قضايا مؤتمر الحوار الوطني في عام 2012 الذي تلا ثورة 11 فبراير شباط الشبابية الشعبية حيث جرى تمثيل الحراك الجنوبي بقوام 85 عضوا من أصل 565 عضوا هم قوام المتحاورين بعد انقلاب الحوثيين على الدولة وتحرير المحافظات الجنوبية أعلن عن قيام المجلس الانتقالي الجنوبي الذي حاول تقديم نفسه صوتا معبرا عن الجنوب حيث يرفع مطلب استعادة الدولة الجنوبية على اعتباره أبرز مطلب له والمجلس الانتقالي الجنوبي هو هيئة سياسية يمنية تشكلت هيئته الرئاسية في 11 مايو 2017 والتي تضم غالبية محافظي محافظات جنوب اليمن وهي المحافظات التي كانت تمثل جغرافيا ما كان يعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية كذلك يضم المجلس وزراء ووكلاء محافظات ويرأسه عيدروس الزبيدي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني كما أن المجلس الانتقالي يمثل بثلاثة أعضاء من قوام مجلس القيادة الرئاسي المكون من ثمانية أعضاء ما يمنحه نفوذا طاغيا على المناطق المحررة من قبضة الحوثيين حيث يسيطر المجلس على محافظات عدن ولحج والضالع وشبوة وأبين بانتظار دولة المؤسسات وبرأي المتحدث الرسمي باسم المجلس الانتقالي الجنوبي سالم ثابت العولقي الذي تحدث مع العربي الجديد فإن الوحدة بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية كانت مشروعا هدفه بناء دولة مدنية حديثة دولة المؤسسات والشراكة والعدالة والمواطنة المتساوية وتطبيق النظام والقانون وذلك بالأخذ بما هو أحسن من تجربتي الدولتين لكن هذا المشروع فشل بسبب الاختلاف السياسي والاقتصادي والثقافي والمدني بين النظامين والبلدين لينتهي بغزو نظام صنعاء للجنوب واجتياحه عسكريا في يوليو الأسود 1994 بحسب تعبيره ولفت العولقي إلى أن حرب اجتياح الجنوب كانت بمثابة نهاية للوحدة السلمية الطوعية واستبدالها بالغزو والغلبة والاستحواذ والهيمنة على الجنوب وشعبه ومقدراته وما زالت هذه الحروب مستمرة منذ 1994 وصولا إلى العدوان الحوثي ومنهجه التدميري ونزعته العنصرية والطائفية وحربه المستمرة على الجنوب محمد المخلافي من دون تشكيل كتلة تاريخية تستعيد الدولة سيصبح التهديد وجوديا لليمن وأكد العولقي أن موقف المجلس الانتقالي الجنوبي واضح بشأن قضية الجنوب ومسارها السياسي وآلية الحل وسبق أن وضعها وأقرت في مشاورات مجلس التعاون الخليجي في إبريل نيسان 2022 وتضمنها البيان الختامي الصادر عنها والذي أكد إيجاد إطار تفاوضي خاص لقضية الجنوب ولهذا يجب أن يوضع هذا الإطار في سلم أجندات المشاورات والمفاوضات السياسية أما من وجهة نظر شريك الوحدة أي الحزب الاشتراكي اليمني فقد مثلت الوحدة اليمنية صفحة جديدة في تاريخ اليمن الحديث إذ وفرت فرصة سانحة لاستعادة دور اليمن التاريخي بامتلاك عناصر القوة للنهوض من جديد وللعب دوره على المسرح الدولي وللانتقال باليمن إلى رحاب التحديث وبناء دولة ديمقراطية حديثة دولة الحق والقانون والمواطنة غير أن حرب 1994 وما ترتب عليها من نتائج وآثار وخيمة على الوحدة اليمنية الوطنية خلقت تحديات أمام بناء الدولة المدنية وحتى الدولة ذاتها كما أدت إلى انقسامات حادة سياسيا واجتماعيا وجهويا وفتحت الباب أمام إمكانية التمزيق لليمن وتدمير الهوية الوطنية وهو الأمر الذي تستثمره قوى داخلية وخارجية بما في ذلك بعض دول الجوار بعدما كانت تدعم الانتقال والتحول الديمقراطي بفعل تماسك قوى التغيير وبفعل ثورة الشباب في عام 2011 وفي السياق قال نائب الأمين العام للحزب الاشتراكي محمد المخلافي في حديث لـالعربي الجديد إن استئناف الحرب في عام 2014 قد ترتب عليه مزيد من الصراعات الداخلية وتعدد سلطات الأمر الواقع وشجع قوى خارجية وعلى رأسها إيران وبعض دول الجوار بالتمادي في مساعي تفكيك الدولة اليمنية وتغذية استمرار الحرب ما أدى إلى استمرار الحرب إلى يومنا هذا ولعل أهم عامل داخلي وفر الفرص للخارج لتحقيق أطماعه يتمثل برأيه في حالة انقسام القوى السياسية وبالنتيجة التنازع والانقسام في هيئات الدولة الشرعية وعلى رأسها مجلس القيادة الرئاسي ولفت المخلافي إلى أنه من دون تشكيل كتلة تاريخية تستعيد الدولة وتحقق القضاء على الانقلاب وإنهاء سلطات الأمر الواقع وفي مقدمتها سلطة الأمر الواقع للمتمردين الحوثيين سيصبح التهديد ليس لوحدة اليمن فحسب بل تهديد وجودي لليمن وأشار المخلافي إلى أن الوحدة اليمنية مثلت النواة الأولى للمصالحة الوطنية غير أن تلك المصالحة كانت بحاجة إلى بناء دولة المواطنة وإلى جبر ضرر المواطنين بسبب صراعات الماضي غير أن حرب 1994 ونتائجها المستمرة حتى اليوم قد عمقت ذلك الضرر وأتت حرب 2014 لتعيق التحول الديمقراطي والذي كان من مرتكزاته تعزيز حماية حقوق الإنسان وتحقيق العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية وبناء الدولة الاتحادية دولة الحق والقانون وفقا لمخرجات الحوار الوطني الشامل عبد الله المقطري الحل العملي لقضية الجنوب يقتضي بناء نموذج جاذب في المحافظات المحررة وأوضح المخلافي أنه في الفترة الانتقالية ما بين عامي 2012 إلى 2014 تم السعي إلى إحداث المصالحة الوطنية من خلال إعداد التشريعات المتعلقة بتحقيق العدالة الانتقالية وحقوق الإنسان إجمالا واتخاذ الإجراءات بإعادة المبعدين من الوظيفة العامة المدنية والعسكرية بعد عام 1994 والأراضي المستولى عليها كنتيجة من نتائج الحرب وإصدار اعتذار رسمي من قبل حكومة الوفاق الوطني في تاريخ 21 أغسطس آب 2013 نيابة عن الدولة للجنوب وأبنائه عن حرب 1994 ولأبناء صعدة عن حروب صعدة غير أنه كان ينبغي وفق رأيه أن يلي هذا الاعتذار اعتذار الأحزاب والقوى الشركاء من الحروب والممارسات التي تلت تلك الحروب والمتمثلة في المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح بما يتعلق بحرب 1994 والمؤتمر الشعبي العام وجماعة الحوثيين بما يتعلق بحروب صعدة ولكن مع الأسف لم يبادر أي من الأطراف لتقديم الاعتذار وهو اعتذار مطلوب اليوم من حزب المؤتمر الشعبي العام ومن التجمع اليمني للإصلاح ونأمل منهما المبادرة في تقديم الاعتذار للمساهمة في إزالة حالة الانقسام بين الجنوبيين والشماليين ولاستعادة اللحمة الوطنية وأكد المخلافي أن ثمة مؤشرا إيجابيا لإيجاد مصالحة سياسية يتمثل في اتفاق الأحزاب والمكونات السياسية في إطار هيئة التشاور والمصالحة على إصدار وثيقة للمصالحة السياسية بين هذه المكونات ينتظر إعلانها الشهر المقبل وتوجت هذه الخطوة بإعلان الأحزاب والمكونات السياسية في مطلع هذا الشهر في محافظة عدن بدء الإعداد لتشكيل تحالف سياسي واسع وفي هذا السياق رأى أن نجاح مثل هذا التوجه يعد ضمانة أساسية للسير في استعادة الدولة والعودة إلى العملية السياسية والانتقال إلى بناء الدولة الوطنية الاتحادية في ظل توافق وطني شامل وضمانات تحقق إزالة المخاوف لدى كل الأطراف وبهذا سيتحقق كما نأمل إيجاد الحل العملي لإنهاء الخلافات والصراعات والحروب وسيتوفر لمختلف مناطق اليمن ولكل مواطن الشراكة العادلة في السلطة والثروة وإنهاء تقاليد احتكارهما من قبل مناطق أو قبائل بعينها من جهته قال رئيس الدائرة السياسية للتنظيم الناصري عبد الله المقطري إن عظمة الوحدة اليمنية تكمن في مدى أبعادها الجيوسياسية والديموغرافية وتنوع ثرواتها الاقتصادية واستغلالها بالطريقة الأمثل في التنمية الشاملة المستقلة وبناء نظام سياسي تعددي وديمقراطي في ظل دولة القانون والحكم الرشيد وبرأي المقطري فإنه لعظمة هذه الأهداف وإنجازها كان من الطبيعي أن تواجه الوحدة اليمنية تحديات بحجم وعظمة أهدافها منذ البداية وكانت مؤشرات ومعطيات الواقع المستهدفة للوحدة من أعدائها محليا وإقليميا ودوليا واضحة وصلت إلى ذروتها بتفجير حرب صيف 1994 وما ترتب عليه من نتائج وممارسات سلبية خطيرة من الطرف المنتصر تهدد استمرار الوحدة وأشار المقطري إلى أن انقلاب الحوثيين العسكري في عام 2014 على الدستور والحكومة الشرعية ومخرجات الحوار الوطني شكل التحدي الأخطر ليس على الوحدة اليمنية فحسب ولكن على اليمن بصورة عامة حيث فتح الباب على مصراعيه للتدخلات الإقليمية والدولية ووصلت الأوضاع إلى ما هي عليه اليوم على أرض الواقع وأعرب المقطري عن اعتقاده بأن الحل العملي للقضية الجنوبية بصورة خاصة وحل الأزمة اليمنية بصورة عامة بحكم تلازمهما تبدأ أولى خطواته الموضوعية بالعمل على إنهاء انقلاب الحوثيين واستعادة الدولة ومؤسساتها الأمر الذي يقتضي بناء نموذج جاذب في المحافظات المحررة لقيام مؤسسات الدولة بمهامها الدستورية والقانونية وتوفير الخدمات الضرورية للمواطنين ولا ريب أن نجاح ذلك برأيه يعتمد على توحيد كل المكونات في حكومة الشرعية وتوحيد مواقفها وإمكاناتها وأدائها السياسي والإداري ودعمها للحكومة الشرعية للقيام بالعمل وفقا للدستور والقانون وتعزيز دورها وتواصلها مع المجتمع الدولي لتكون شريكا فاعلا في كل القضايا ذات العلاقة بالأزمة اليمنية من أجل الإعداد والتهيئة الإيجابية لاستعادة الدولة وفقا للمرجعيات المتوافق عليها