من بودابست إلى الرياض رحلة حرفية تحفظ آخر أسرار الدانتيل اليدوي

من بين الزحام الهادئ في جناح الحرف العالمية داخل الأسبوع السعودي الدولي للحرف اليدوية بنان، كانت الحكاية تأتي من زاوية صغيرة مضاءة بلطف، حيث تجلس الحرفية المجرية فيولا نيمش منكّبة على وسادتها الخشبية الصغيرة، تحرّك عشرات الخيوط بخفة تذكّر بزمن لا يتكرر.
فيولا تبدو كما لو أنها تحمل بين يديها آخر ما تبقى من ذاكرة أوروبا القديمة، تتعامل مع الخيوط كأنها نَسْغ يتدفّق من الماضي إلى الحاضر، ومع كل حركة من أصابعها كانت القصة تتضح أكثر: هنا تُصنع شرائط الضوء.
وقالت فيولا عن مهنتها: إن تقنية الـBobbin Lace تعود جذورها إلى إيطاليا في القرن السادس عشر، وإن أول كتاب دوّن قواعدها نُشر في البندقية عام 1559 قبل أن تنتقل إلى بلدان أوروبا المختلفة ومنها المجر, كانت النساء يصنعن الدانتيل للثياب والمفارش والستائر، ثم جاءت الآلة في نهاية القرن التاسع عشر لتُقصي هذا الفن إلى الهامش، حتى كاد يختفي تمامًا.
وأضافت: قبل أكثر من خمسة وعشرين عامًا تعلّمت هذه الحرفة من سيدة واحدة في المجر أعادت إحياءه، واليوم أستكمل ما بدأته مع نحو 150 حرفية فقط ما زلن يُتقنَّ هذا الفن في كامل المجر.
رغم أن التقنية قديمة، فإن فيولا لا تعيش أسيرة الماضي تعرض في بنان قطعة حديثة صمّمتها هي بنفسها، تجمع فيها بين الدانتيل التقليدي والتشكيل العصري, الوسادة التي تعمل عليها مصنوعة خصيصًا لها، صغيرة بما يكفي لترافقها في السفر، بخلاف الوسائد الكبيرة التي استخدمتها الجدّات قديمًا، وأمامها مجموعة من البوبينز الخشبية -وهي الأدوات الأساسية في العمل- تحرّكها في انسجام دقيق يشبه العزف، موضحةً أن القطعة التي أمام الزوّار احتاجت نحو ثلاثة أسابيع من العمل المتواصل، لأنها صنعت الدانتيل ثم أتبعتُه بالتطريز الذي تعلمته من جدتها.
وتعود فيولا لتشرح الاختلاف بين الأدوات القديمة والحديثة، قائلة: إن الشكل العام للوسادة قد يتغير من مكان لآخر ومن حقبة لأخرى، لكن البوبينز تظل هي نفسها تقريبًا, كل قطعة تبدأ بخيط واحد، ثم عشرات، ثم
ارسال الخبر الى: