انتصارات الرايخ الثالث مجرد تحذير

في فيلمه الوثائقي الجديد، انتصارات الرايخ الثالث (Victories of the Third Reich)، يقدم المخرج هانا سمر، المعروف بأسلوبه الذي يجمع بين التحليل التاريخي والإثارة البصرية، رؤية لمرحلة التوسّع النازي في أوروبا، من غزو بولندا عام 1939 حتى سقوط فرنسا في 1940، مع تركيز خاص على العزلة البريطانية، واستقالة نيفيل تشامبرلين، بوصفه منعطفاً في أحلك ساعات الحرب. الفيلم يستند إلى لقطات أرشيفية نادرة من دون إشراك مؤرخين أو شهادات شفهية.
الذي أثار إشكالية جوهرية عند طرح العمل هو العنوان، فهل العنوان المُختار الذي يوحي بتمجيد انتصارات النازية، يتناقض مع المضمون الذي يُظهر جرائم النظام؟ وقد يصبح هذا التناقض محورياً في تقييم الوثائقي.
اليوم، تُعاد كتابة التاريخ عبر عدسة الكاميرا، ليصبح الأرشيف السينمائي سلاحاً ذا حدين: وثيقة للتاريخ، أو أداة للتلاعب بالوعي. وقد يتطور إلى محاولة لإعادة تشكيل الإدراك الجماعي عبر مونتاجٍ يختار بعناية ما يُظهره وما يُخفيه، تماماً كما فعلت ليني ريفنشتال في فيلمها الدعائي انتصار الإرادة الصادر عام 1935. اليوم، بينما تعود الخطابات الشعبوية إلى الواجهة السياسية العالمية، يُذكّرنا هذا الفيلم بأن الأرشيف ليس بريئاً، وأن كل لقطة مُعدَّة مسبقاً قد تكون شرارة لحربٍ قادمة.
يعتمد الفيلم على المونتاج الأرشيفي أداة رئيسية، فيدمج لقطات لغزو بولندا والزحف الألماني نحو باريس، وخطابات هتلر، مع مشاهد للاضطراب السياسي في بريطانيا. هذه التقنية، رغم فعاليتها في خلق إحساس بالحضور التاريخي، تفتقر إلى السياق النقدي. لا يقدم الفيلم جديداً للمختصين، بل يكرر وقائع معروفة، مثل اتفاقية ميونيخ وخطة شليفن. اللافت هنا هو غياب التعليقات التحليلية، ما يحوِّل الأرشيف إلى مجرد خلفية درامية، بدلاً من مادة للتفكيك.
المونتاج الانتقائي يمحو السياقات المُزعجة، إذ يُظهر مشاهد زحف الدبابات الألمانية من دون إبراز الدمار البشري، كما لو أن الحرب كانت معجزة عسكرية وليست جريمة ضد الإنسانية. يركز العمل على الخطابات الحماسية لتشرشل، بينما تُقلَّص مشاهد معاناة المدنيين البريطانيين خلال ما سمي بالحرب الزائفة. هذه التقنية تشبه تلك التي استخدمتها ريفنشتال حين حوّلت تجمّعات النازيين إلى لوحات ملحمية،