المخاض الحتمي الجماهير الجنوبية تصنع فصلا جديدا في كتاب تقرير المصير
53 مشاهدة

4 مايو/ حافظ الشجيفي
قد يكون من الضروري الآن، ونحن نقف أمام هذا الطوفان البشري المتدفق في الجنوب، أن نعيد ضبط عدسات الرؤية بعيداً عن القراءات السطحية العابرة، لنواجه الحقيقة المجردة كما هي على الأرض، فما يدور في تلك الساحات ليس مجرد حدث سياسي طارئ يمكن احتواؤه ببيانات دبلوماسية أو مناورات تكتيكية، بل نحن بصدد لحظة فارقة قرر فيها التاريخ أن يخرج عن صمته، وقرر فيها شعب بأكمله أن يضع حداً فاصلا بين زمنين، زمن الارتهان وزمن القرار، ولعل المتأمل في خريطة المشهد الجنوبي لليوم التاسع على التوالي، يدرك بيقين لا يخالطه شك أننا أمام حالة فريدة من الانصهار الوطني، حيث تحولت ساحات الاعتصام إلى برلمان شعبي مفتوح، يصوت فيه الناس بحناجرهم وأقدامهم لصالح خيار واحد ووحيد، هو استعادة الدولة والسيادة، في مشهد بالغ الدلالة والعمق يجسد إرادة هذا الشعب العظيم في انتزاع حريته وكرامته، ويعبر عن تلاحم عضوي ووحدة هدف تذوب معها كل الفوارق والمسافات.
إن قراءة المشهد من زاوية أوسع تكشف لنا أن ما يجري ليس مجرد حشود تتجمع ثم تنفض، بل هي عملية تراكمية من الصمود تتصاعد وتيرتها يوما بعد آخر، في ظاهرة تثير الدهشة والإعجاب، حيث تكتظ الساحات بالمعتصمين الذين تزداد أعدادهم بمتوالية هندسية في جميع ساحات جغرافيا الجنوب، وكأن هناك مغناطيسا سريا يجذب القلوب قبل الأجساد نحو مركز الفعل والتأثير، ولقد كان لساحة العروض في خورمكسر بعدن، بوهجها الرمزي ومكانتها النضالية المركزية، النصيب الأوفر من هذا الزخم، خاصة وقد شهدت يوم أمس حدثا استثنائيا يحمل في طياته دلالات سياسية واجتماعية بالغة الخطورة والأهمية، تمثل في وصول ذلك السيل الجماهيري الكبير من أبناء الصبيحة، في رسالة واضحة وحاسمة مفادها أن الصبيحة، بتاريخها وثقلها ورجالها وقبائلها، تقف اليوم في طليعة الركب وفي مقدمة الصفوف، معلنة أن النسيج الجنوبي قد استعصى على التمزيق، وأن الجسد الجنوبي قد تعافى تماما وأصبح يتحرك ككتلة واحدة صلبة نحو هدفه المنشود.
وفي تقديري، أن الرسالة التي أراد المعتصمون إيصالها إلى العالم قد
ارسال الخبر الى: