سام برس المجلس الانتقالي أمام لحظة الحسم بين إعلان دولة الجنوب وإعادة هندسة الشرعية

بقلم/ الدكتور / علي أحمد الديلمي
يمر المجلس الانتقالي الجنوبي بمرحلة مفصلية تضعه بين خيارين أحلاهما مر إما الذهاب نحو إعلان دولة الجنوب أو البقاء داخل إطار الشرعية مع السعي إلى تعديلها بما يضمن له نفوذا سياسيا وأمنيا أوسع وتأتي هذه اللحظة في ظل تحولات ميدانية متسارعة في محافظات الجنوب أعادت طرح سؤال الدولة والشرعية ووحدة القرار السياسي اليمني بشكل غير مسبوق
خلال الفترة الأخيرة شهدت حضرموت والمهرة تطورات لافتة تمثلت في تمدد نفوذ المجلس الانتقالي وفرض وقائع جديدة على الأرض مستندا إلى تشكيلات عسكرية وأمنية منظمة وإلى حالة إنهاك تعانيها مؤسسات الدولة وقد ترافق ذلك مع تأييد بعض الوزراء والقيادات السياسية والعسكرية وسفراء محسوبين على الشرعية لتحركات الانتقالي وهو ما عكس حجم التصدع داخل بنية السلطة الشرعية وأظهر هشاشة التوافق الذي قام عليه مجلس القيادة الرئاسي
هذا الواقع فتح شهية الانتقالي للذهاب أبعد من مجرد تحسين شروط الشراكة حيث عاد خطاب استعادة دولة الجنوب إلى الواجهة بوصفه هدفا تاريخيا للمجلس غير أن هذا الخيار يصطدم بعقبات قانونية ودستورية عميقة ذلك أن المجلس الانتقالي يعد جزءا من الشرعية السياسية بموجب اتفاق الرياض ومشارك في مؤسسات الحكم وأي إعلان أحادي لدولة مستقلة يضعه في موقع التمرد القانوني ويقوض الأساس الذي يستمد منه شرعيته الحالية
في المقابل برز تباين إقليمي واضح حيال تحركات الانتقالي حيث أبدت السعودية رفضا صريحا لأي خطوات أحادية تمس وحدة اليمن أو تخرج عن إطار التوافق السياسي معتبرة أن ما يجري في حضرموت والمهرة يهدد الاستقرار ويضعف الجبهة الداخلية في مواجهة التحديات الكبرى بينما بدا الموقف الإقليمي الآخر أكثر مرونة أو صمتا وهو ما فسرته أطراف يمنية على أنه ضوء أخضر غير معلن ساهم في تشجيع الانتقالي على المضي قدما
أمام هذه المعادلة المعقدة تبدو الشرعية اليمنية هي الخاسر الأكبر إذ تعرضت لاهتزاز عميق نتيجة عجزها عن إدارة التباينات الداخلية واحتواء طموحات شركائها وإذا ما اختار المجلس الانتقالي إعلان دولة الجنوب فإن ذلك سيعني عمليا نهاية الصيغة الحالية
ارسال الخبر الى: