نار على الغاز قصة من مأساة جريمة حرق عمال ميناء رأس عيسى
58 مشاهدة

عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية//
كان مساءً هادئًا على غير عادة مدينة تعوّدت على أصوات الطائرات أكثر من زقزقة العصافير.. في ميناء رأس عيسى، حيث تختلط رائحة الملح بوهج اللهب، لم يكن أحد يتوقع أن يتحوّل موقع مدني لخزانات الغاز إلى مسرح لمجزرة موثقة بالصمت الدولي.
ووسط هدير العمل وروتين المهنة، وبين أنابيب الغاز وخزانات الوقود، كان المهندس، خالد عبدالله محسن عوض، يمارس مهمته اليومية: الحفاظ على منشأة مدنية تخدم ملايين اليمنيين، وتأمين حياة عشرات العمال.
لكنه لم يعلم أن ذلك المساء سيكون الأخير، وأن الصواريخ الذكية اختارته هدفًا… لا لشيء، سوى لأنه ظل مخلصًا لوطن وشعب يُحاصر من البحر والبر والجو.
انفجارات في قلب منشأة مدنية
في تمام الساعة التاسعة من مساء الخميس الماضي، كان المهندس خالد يتفقد خطوط التغذية داخل منشأة الغاز في ميناء رأس عيسى بمحافظة الحديدة، كعادته كل مساء.. يراجع بيانات التشغيل، ويطمئن على إجراءات السلامة، ويتأكد من سلامة فريقه العامل.
لكن ذلك المساء لم يكن ككل الأيام.. ففي لحظة خاطفة، دوّت انفجارات هائلة، وتحوّل المكان إلى جحيم مشتعل.
صواريخ أمريكية استهدفت منشأة مدنية، لا يتواجد فيها سوى خزانات للوقود والغاز، وقلوباً عاملةً بالكاد تؤمّن لقمة العيش لعائلاتها المنهكة من الحرب والحصار طوال عشر سنوات عجاف.
شهادة من تحت الركام
“سقط المهندس خالد بيننا… لم يعد يقف، لم يعد يتحدث”، هكذا قال أحد العمال الناجين، وهو يحاول كبح دموعه.
وأضاف بصوت مرتجف: “كان حريصًا علينا أكثر من نفسه… قبل الضربة بدقائق، طلب منا مغادرة أحد الخزانات لتناول العشاء، أنقذنا.. لكنه بقي وحده في وسط الجحيم”.
خالد.. المهندس الذي اختار البقاء