الجنوب العربي من ملاحم النضال إلى الاستقلال ملامح الدولة تلوح في الأفق

تتجلى إرادة شعب الجنوب العربي اليوم كحقيقة سياسية راسخة، صاغتها عقود من التضحيات الجسيمة والنضال السلمي المستمر، فهي ليست مجرد مطالبة عابرة أملتها الظروف، بل هي استحقاق تاريخي وقانوني يرتكز على حق الشعوب الأصيل في تقرير مصيرها، بوصفه الممر الإلزامي لتحقيق العدالة الإنسانية والسياسية.
وهذا الإصرار الشعبي، الذي تجسد في المليونيات والاعتصامات السلمية، يعكس رفضا قطعيًا لواقع فُرض بالقوة. إنها إرادة لا تستند فقط إلى العاطفة الوطنية، بل إلى إدراك عميق بأن استعادة الدولة هي الوسيلة الوحيدة لحماية الهوية الثقافية والاجتماعية للجنوب من الذوبان أو الطمس، وهي الضمانة الوحيدة لعدم تكرار تجارب الإقصاء.
تقرير المصير: المبدأ القانوني والإنصاف السياسي
تندرج قضية الجنوب ضمن أسمى المبادئ التي أقرتها المواثيق الدولية، وعلى رأسها حق الشعوب في تقرير مصيرها. إن المطالبة بالاستقلال هنا ليست “انفصالًا” بمعناه السلبي، بل هي “فك ارتباط” قانوني وسياسي من مشروع وحدوي فشل في تحقيق أدنى معايير العدالة والمساواة. إن هذا الحق يمثل المدخل القانوني الوحيد لمعالجة تركة “الاستعمار الداخلي” والنهب الممنهج للموارد، وهو الطريق نحو إنصاف جيل كامل حُرم من حقوقه السياسية والاقتصادية.
الجنوب كركيزة للأمن والسلم الإقليمي
خلافًا لما يروج له البعض، فإن استعادة دولة الجنوب العربي تمثل صمام أمان للمنطقة بأسرها. إن الجنوب القوي والمستقر، بموقعه الاستراتيجي المطل على أهم الممرات المائية الدولية (باب المندب وخليج عدن)، قادر على أن يكون شريكًا موثوقًا في مكافحة الإرهاب وحماية الملاحة الدولية. بناء دولة جنوبية حديثة تلتزم بمبادئ القانون الدولي يعني تحويل المنطقة من بؤرة توتر مستمر إلى منطقة تعاون اقتصادي وتنمية مشتركة، مما يقلل من نفوذ القوى المزعزعة للاستقرار.
من المحلية إلى العالمية: نضج الخطاب الدبلوماسي
شهدت السنوات الأخيرة تحولًا جذريًا في كيفية عرض القضية الجنوبية؛ حيث انتقلت من “الشارع” إلى “الطاولة الدبلوماسية”. هذا النضج السياسي تجلى في قدرة القيادة الجنوبية على صياغة خطاب عقلاني يخاطب المجتمع الدولي بلغة المصالح المشتركة والالتزام بالمواثيق الدولية. لم يعد العالم ينظر للجنوب كأزمة إنسانية فحسب، بل كطرف سياسي فاعل ومسؤول، يمتلك
ارسال الخبر الى: