الإعلام الأميركي شاشات محكومة بالصفقات
منذ منتصف التسعينيات، ومع صدور قانون الاتصالات لعام 1996 (Telecommunications Act of 1996)، دخلت صناعة التلفزيون الأميركية مرحلة جديدة عنوانها الاندماجات الضخمة وتكوين تكتلات إعلامية تسيطر على الأخبار والترفيه معاً. هذه التحولات لم تغيّر فقط طبيعة المنافسة في السوق، بل أعادت أيضاً تشكيل علاقة المؤسسات الإعلامية بالحكومة الأميركية، حيث باتت القرارات التحريرية مرتبطة بشكل مباشر بمصالح اقتصادية كبرى تحتاج إلى موافقات حكومية.
الأحداث الأخيرة التي طاولت البرامج الكوميدية الساخرة في الولايات المتحدة – من تعليق برنامج جيمي كيميل إلى إلغاء برنامج ستيفن كولبير – كشفت بوضوح حدود حرية التعبير عندما تتقاطع مع مصالح الشركات الكبرى وضغوط البيت الأبيض. ما بدا في الظاهر مجرد قرارات برمجية، هو في العمق انعكاس لصراع أوسع بين حرية الإعلام وسلطة الدولة، وبين منطق السوق ومنطق الدستور.
قبل أيام أعلنت شبكة ABC تعليق برنامج جيمي كيميل لايف إلى أجل غير مسمّى. القرار لم يكن معزولاً عن سياق سياسي واقتصادي أوسع، بل جاء في تقاطع مباشر بين الضغوط الحكومية والمصالح التجارية الكبرى.
سنتتبّع في ما يلي ثلاثة مسارات متشابكة: تدخلات السلطة التنفيذية وأجهزتها التنظيمية في المحتوى الإعلامي، وارتباط القرارات التحريرية بالصفقات التجارية الكبرى، وردات الفعل من منظمات المجتمع المدني وبعض الشخصيات العامة على ما اعتُبر مساساً بحرية التعبير.
مطلع شهر يوليو/ تموز الماضي وافقت شركة باراماونت (الشركة الأم لشبكة CBS الإخبارية) على دفع تسوية بقيمة 16 مليون دولار للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وأتبعت ذلك، بعد أسابيع، بإعلان إلغاء برنامج لايت شو (Late Show) للكوميدي ستيفن كولبير سنة 2026، أحد أبرز الأصوات الناقدة لترامب. بدورها، دفعت إي بي سي تسوية بقيمة 15 مليون دولار لترامب، نهاية العام الماضي، لتعود وتعلن توقيف برنامج كيميل أخيراً. وفي الوقت نفسه، يتواصل ضغط ترامب على شبكة NBC لإلغاء برنامجي جيمي فالون وسيث مايرز.
الخطوات التي اتخذتها هذه الشبكات ترافقت مع ضغوط تنظيمية مباشرة. رئيس لجنة الاتصالات الفيدرالية (FCC)، بريندان كار، صرّح بأن لدى اللجنة علاجات لمعاقبة ABC وديزني بسبب تصريحات كيميل
ارسال الخبر الى: