إدلب ليست بندقية

105 مشاهدة

ليست إدلب مجرّد بندقية. لم تكن كذلك يوماً، ولا يليق بها أن تكون. هذه الأرض التي اختزنت في تربتها حضاراتٍ متعاقبة، من الآراميين إلى الرومان، من البيزنطيين إلى العرب المسلمين، لا يمكن اختزالها في صورة مقاتل يحمل السلاح أو في مشهد انفجار يهزّ ليل المدينة ويربك نهارها. ولا في سيارة مفخّخة، ولا سوط يجلد شاباً.
في الشهور الأخيرة، اهتزّت إدلب على وقع انفجارات غامضة، واحدة تلو الأخرى، من دون إجابات شافية. خمسة انفجارات كبيرة في أقل من شهرين، ولا أحد يعلم من يقف وراءها. أصوات الموت تتكرّر، والمشهد يعيد إنتاج الرعب، من دون أن تشرح جهة مسؤولة أو تقدّم التفسير أو التبرير. وكأن إدلب تحوّلت إلى مخزن بارود لا يعرف أحدٌ متى أو بمن سينفجر، أو لمن يتوجه هذا التفجير. هل هي رسائل؟ تصفيات؟ عبث غير مقصود؟ مقصود؟ لا شيء واضحاً، فقط أمهاتٌ يعشن على نبض الخوف، وأطفال ينامون على سؤال واحد: “هل سينفجر شيءٌ صباح الغد؟
ليست المشكلة في الانفجارات وحدها، بل فيما تمثّله إدلب اليوم. لقد باتت خزّاناً للبشر والبنادق، للطاقات التي تُختزل في هيئة مجند، مقاتل، عنصر أمني. هناك جيل وُلد في الظل، تربّى بين الحصار والقصف والنزوح، ولا يُرى اليوم إلا من منظار “الجاهزية للنفير العام”. ماذا عن أحلام هذا الجيل؟ عن تعليمه، صحّته، مستقبله؟ ماذا عن الجامعات والتعليم، المدارس التي أغلقت، المستشفيات التي تفتقر إلى الحد الأدنى من التجهيزات؟
لا يريد أبناء إدلب أن يكونوا أرقاماً في قوائم التعبئة. لا يريدون أن تُستدعى اسماؤهم ليُرسَلوا إلى جبهاتٍ ومحافظاتٍ لا يعلمون عنها شيئاً، ولا أن يصبحوا مصدر خوفٍ لإخوتهم السوريين، ولا أن ترتبط لهجتهم بالحواجز والاعتقال وفروع الأمن.
يريدون، ببساطة، أن يعيشوا. أن يزرعوا التين والزيتون كما فعل أجدادُهم منذ آلاف السنين، وأن يقطفوا الكرز في الصيف، أن يحتفلوا بموسم العنب، وأن يزور بعضهم بعضاً في الأعياد، ويحتفلوا بأعراس أبنائهم، لا أن يتم استدعاؤهم ويُطلبُ منهم النفير عند كل أعمال عنف تندلع في هذه المنطقة أو

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2026 يمن فايب | تصميم سعد باصالح