كيف يعيد الذكاء الاصطناعي إنتاج التمييز ضد النساء
في الدورة الأخيرة من مهرجان زيورخ السينمائي، سلّطت الأضواء على ممثلة صاعدة تُدعى تيلي نوروود. كانت تبتسم، وترتدي أزياء أنيقة، وتلتقط صوراً براقة لمتابعيها على إنستغرام. لكن تفصيلاً واحداً غاب عن كثيرين في البداية: تيلي نوروود ليست إنسانة، بل أول ممثلة افتراضية بالكامل أنشأتها خوارزميات الذكاء الاصطناعي. ابتكرتها الممثلة الهولندية إيلين فان دير فِلدن لتكون سكارليت جوهانسون القادمة – كما وصفتها – وأولى نجمات سلسلة ممثلات افتراضيات سيغزون الشاشات والإعلانات والمنصات الرقمية قريباً.
تيلي ليست حالة استثنائية، بل جزء من موجة متسارعة من منتجات الذكاء الاصطناعي المتجسّدة في هيئة نساء. ففي ألبانيا مثلاً، عُيّنت دييلا وزيرةً للمشتريات العامة بوصفها أول مسؤولة حكومية مولَّدة بالكامل بالذكاء الاصطناعي، بينما استعانت علامة Guess بعارضة شقراء افتراضية لحملتها الإعلانية في مجلة فوغ.
من السهل النظر إلى هذه الظواهر بوصفها قفزة تكنولوجية، لكن من الصعب تجاهل أن جميعها وجوه أنثوية. فالآلة حين تتجسّد في هيئة بشرية، تكاد تكون دائماً امرأة، كما لاحظت صحيفة تريبون دي جينيف السويسرية في تقرير مطوّل نشرته مطلع الشهر الحالي.
أنوثة مبرمجة
يقول عالم الاجتماع أوليفييه غلاسي من جامعة لوزان للصحيفة السويسرية إن الخيال العلمي، منذ بداياته، صاغ التكنولوجيا في هيئة نساء. في أفلام مثل ميتروبوليس وهير وإكس ماشينا، لطالما كانت المرأة صورة رمزية للآلة، تجمع بين الجاذبية والتهديد، بين الخدمة والسيطرة. ويضيف غلاسي أن الذكاء الاصطناعي اليوم لا يختلف كثيراً؛ إنه يستعيد الأنثى واجهةً تكنولوجيةً مريحة، يسهل التعامل معها، قابلة للبرمجة والتشكيل.
لم يتوقف الأمر عند السينما، بل تجذّر في تفاصيل الحياة اليومية. فالمساعدات الصوتية مثل سيري وأليكسا جاءت بأسماء نسائية وأصوات ناعمة لتبدو أكثر لطفاً وأقل تهديداً للمستخدم.
لكن كما تقول الباحثة سيلفي بورو في دراسة منشورة في Journal of Business Ethics: تأنيث الذكاء الاصطناعي ليس بريئاً. إنه يهدف إلى جعل الآلة تبدو أكثر إنسانية، لكنه يعتمد على قوالب جاهزة ترى النساء أكثر دفئاً وخضوعاً، وكأن التعاطف صفة برمجية أنثوية.
المساعدات الرقمية... امتداد لتاريخ الطاعة
تُظهر الأبحاث، وفق ما
ارسال الخبر الى: