سبعة وثلاثون ساعة سفر

68 مشاهدة
اخبار اليمن الان الحدث اليوم عاجل

يمنات

محمد المخلافي

عصبتُ رأسي بشالي الصوفي وخرجتُ من البيت وسط برد صنعاء الذي يتسلّل إلى العظام. كانت الساعة تقترب من الثامنة مساءً، والمدينة تغفو على أضواءٍ خافتةٍ وحركةٍ متقطعةٍ من المارّة.

مضيت بخطواتٍ مثقلة نحو فرزة عدن في باب اليمن، حيث كان ينتظرني صديقي وزميلي في العمل يحيى حميد الفقيه.

وبعد دقائق صعدنا الحافلة التي ستقلنا في رحلةٍ طويلةٍ نحو عدن، المدينةِ البعيدةِ في جنوب اليمن، على بُعدٍ يقارب ثلاثمئةٍ وثمانيةٍ وسبعون كيلومترًا من صنعاء.

كانت ملامح الركّاب تُخفي وراءها حكاياتٍ من التعب والرجاء. انطلقت الحافلة ببطءٍ تخترق الشوارع شبه المظلمة، وما إن غادرنا حدود صنعاء حتى أوقفتنا أولى نقاط التفتيش. أخذ الجنود بطائقنا الشخصية، وسجّلوا بياناتنا، وسألونا عن سبب سفرنا إلى عدن.

تكرّر المشهد ذاته عند كل نقطة تفتيش، وإن كان بشكلٍ أخفّ، حتى تجاوزنا مدينة ذمار، حيث فوجئنا بطابورٍ طويلٍ من السيارات المنتظرة في صمتٍ ثقيل. بقينا هناك قرابة ساعتين قبل أن يُسمح لنا بالعبور.

تابعنا الطريق نحو يريم، ومنها اتجهنا الى نقيل سمارة، وهو سلسلة جبلية تمتدّ نحو اثني عشر كيلومترًا. كان الطريق ملتويًا وضيقًا، محفوفًا بالهاويات من كل جانب، وكان كل منعطفٍ يخطف أنفاسنا.

ثم بدأنا الانحدار نحو الدليل، وادٍ فسيحٍ تتخلله وديان صغيرة، فيما يتسلّل صقيع الليل من نوافذ الحافلة، يلسع وجوهنا المتعبة.

واصلنا السير حتى سحول بن ناجي الممتدة إلى مشارف مدينة إبّ. هناك، في مدخل المدينة، استقبلتنا أضواء البيوت المبعثرة على سفوح الجبال، كنجومٍ متعبة تحاول ألّا تنطفئ.

شعرت، وأنا أراقب ذلك المشهد، وكأنني أطل على مدينة نائمة. كانت البيوت المرتصّة على جانبي الطريق تبدو كأنها تتنفس بهدوء تحت لحاف البرد، ورغم صقيع الليل الذي يتسلّل من كل ناحية، أحسست بدفء الحياة في داخلها.

أضواء خافتة خلف الستائر، وأنفاس ساكنيها تتسلل عبر الفتحات الصغيرة للنوافذ، فتمنح المكان حياةً خفية، كأن المدينة كلها تنام على نبضٍ واحدٍ.

كنا مرهقين، تتناوبنا لحظات النعاس واليقظة؛ نغفو أحيانًا ونصحو أحيانًا أخرى على اهتزاز الحافلة وهي تشق

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع يمنات لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح