ميكروفون بعد عقد ونصف الإسكندرية تغني وتصمت
بعد مرور خمسة عشر عامًا على عرضه الأول، يعود فيلم ميكروفون (2010)، للمخرج أحمد عبد الله السيد إلى دائرة الضوء في المشهد السينمائي المصري، بعدما حصد خلال أكتوبر/ تشرين الأول الجاري تكريمين أعادا إليه ألقه. فقد أعيد عرضه جماهيريًا في سينما زاوية في نهاية سبتمبر/ أيلول ومطلع أكتوبر، ضمن احتفالية مرور عشرين عامًا على تأسيس شركة فيلم كلينك، كما اختير ضمن أفضل خمسةٍ وعشرين فيلمًا في الألفية الجديدة وفقًا لتصنيف مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، بالتعاون مع الاتحاد الدولي لنقاد السينما وجمعية النقاد المصريين.
الفيلم الذي اتخذ من الإسكندرية مسرحًا لأحداثه، هو شهادة على مرحلة كاملة في التاريخ الاجتماعي والثقافي المصري قبيل ثورة يناير/ كانون الثاني. في هذا العمل الذي يمزج بين الحنين والتمرد، وبين سيرة مدينة وسيرة جيل، تتحول الإسكندرية إلى بطلٍ صامتٍ يراقب تحولات الفن والسياسة والإنسان معًا.
تبدأ حكاية الفيلم مع خالد (خالد أبو النجا)، العائد من الغربة بعد سبع سنوات في الولايات المتحدة. يعود إلى الإسكندرية محمّلًا بذكرياتٍ غامضة وأسئلةٍ لا إجابة لها. المدينة التي كانت تفيض حياةً وتنوعًا، صارت ضيقةً، متزمتة، مشوشة الهوية. في أحد المشاهد الرمزية، يصرخ خالد في الشارع متسائلًا عمّا حدث، فتصطدم به امرأة منتقبة تسحب ابنها بعيدًا، مشهد يختصر التحول الاجتماعي والديني الذي أصاب المدينة الساحلية في سنوات ما قبل الثورة.
حين يُسأل خالد عن سبب عودته، يبتسم ساخرًا ويُخفي الأسباب. يعيش خيبتين متتاليتين: خيبته من مدينته التي لم يعد يفهمها، وخيبته العاطفية بعد رحيل حبيبته إيشاك إلى الخارج. يحاول أن يعوّض هذا الفقد بانخراطه في دعم الفرق الموسيقية المستقلة عبر عمله في مؤسسة جدران الثقافية، ساعيًا لأن يمنح الفنانين الشباب مساحة للتعبير، وأن يهبهم، كما يقول في جملة تلخص فلسفة الفيلم: نفسي نعملهم حاجة... نديهم صوت.
يُعد ميكروفون من أفلام المفاصل في تاريخ السينما المصرية الحديثة، إذ رافق ولادة الموجة المستقلة في نهاية العقد الأول من الألفية. بميزانية محدودة وبأدوات شبه بدائية، صنع أحمد عبد الله فيلمًا جمع بين
ارسال الخبر الى: