بعثت حالة الطقس في الأيام الأخيرة بإشارات أججت قلق المغاربة من سنة جافة جديدة بما لذلك من تأثير على المحاصيل والنمو الاقتصادي والقدرة الشرائية للأسر فقد تعدت درجات الحرارة في نهاية الأسبوع حسب مديرية الأرصاد الجوبة المعدل الموسمي بما بين 5 و8 درجات لتصل إلى أكثر من 30 درجة في الأقاليم الواقعة في مرمى كتل هوائية حارة وجافة صعدت من الصحراء الكبرى نحو مناطق الجنوب والوسط وشمال البلاد ارتفاع درجات الحرارة بما واكبته من رياح قوية وتطاير للغبار في بعض المناطق دفع العديدين إلى التساؤل حول ما إذا كانت ستعقبها أمطار تعسف مزارعي الزراعات الخريفية الذين يوجهون أنظارهم إلى السماء منذ بداية الموسم الزراعي في أكتوبر تشرين الأول الماضي غير أن مديرية الأرصاد الجوية توقعت أن تتواصل حالة الطقس غير العادية مع ترقب انخفاض طفيف في درجات الحرارة إلى غاية منتصف الأسبوع الحالي وتدفع حالة الطقس في الأيام الأخيرة إلى تذكر انطلاقة الموسم الزراعي الماضي الذي اتسم حسب المندوبية السامية للتخطيط بظروف مناخية صعبة نتيجة تأخر تساقط الأمطار وعدم انتظام توزيعها الجغرافي مصحوبا بمستويات مرتفعة لدرجات الحرارة ويخشى أن تفضي التقلبات التي تعرفها حالة الطقس إلى تراجع المحاصيل الزراعية كما حدث في الموسم الماضي حيث انهار محصول الحبوب إلى 3 13 ملايين طن مقابل 5 51 ملايين طن في الموسم الذي قبله علما أن الحكومة كانت تراهن في الموسمين على محصول متوسط في حدود 7 ملايين طن ولم تسلم أنشطة فلاحية أخرى من تأثيرات الجفاف للعام الخامس وهو ما يؤكده رئيس الجمعية المغربية للتنمية الزراعية لجهة الدار البيضاء ـ سطات الفاطمي بوركيزية الذي يلاحظ أن ذلك يدفع المغرب إلى استيراد الزيتون والأبقار والأغنام والبنجر وقصب السكر ما يطرح علامات استفهام حول كيفية تحقيق السيادة الغذائية ويشير بوركيزية في تصريح لـالعربي الجديد إلى أن المغرب يعاني من تداعيات التغيرات المناخية بما لذلك من تأثير على القطاع الزراعي والقدرة الشرائية للأسر ما يستدعي إعادة توجيه السياسة الفلاحية بما يخدم الأمن الغذائي عبر التركيز على توفير مياه السقي عبر مصادر جديدة مثل التحلية ويلفت إلى أن المغرب يدرج منذ سنوات ضمن البلدان الأكثر تأثرا بتغير المناخ ويقترب المغرب بسرعة من الحد المطلق لندرة المياه البالغ 500 متر مكعب للفرد سنويا حسب البنك الدولي الذي يؤكد أن انخفاض توافر المياه وانخفاض المحاصيل بسبب تغير المناخ يمكن أن يؤديا إلى خفض إجمالي الناتج المحلي بنسبة تصل إلى 6 5 ويشدد بوركيزية على أن السياسة الفلاحية يفترض فيها أن تركز أكثر على المحاصيل الأساسية مثل القمح والقطنيات واللحوم والخضر والزيوت تفاديا لتقلبات مزاج السوق العالمية عند الاستيراد مذكرا بالأسعار القياسية التي وصلت إليها أسعار القمح في 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا وتستحضر الحكومة في مخطط موازنتها الذي يتناول الأعوام الثلاثة المقبلة الدور الحاسم للزراعة في دعم النمو فهي تراهن على معدل نمو في حدود 4 6 في 2025 مقابل 3 3 العام الحالي غير أن بلوغ ذلك الهدف يبقى رهنا بتحقق فرضية بلوغ محصول الحبوب في حدود 7 ملايين طن وتدرج وزارة الاقتصاد والمالية في مخطط الموازنة للأعوام الثلاثة المقبلة الذي نشرته على موقعها الإلكتروني نهاية الأسبوع الماضي تحديات الجفاف والإجهاد المائي ضمن المخاطر التي يجب التحسب لها بالإضافة إلى تقلب أسعار المواد الأولية والطاقة وتباطؤ النمو في منطقة اليورو التي تؤثر على الاقتصاد المغربي ويأتي تأكيد الوزارة للمخاطر المرتبطة بالجفاف على الاقتصاد المغربي من كون 81 من المساحة الزراعية تعتمد على الزراعة المطرية بل إن 85 من المياه تخصص للزراعة حيث تشدد على أن من شأن ارتفاع درجات الحرارة والتقلبات الكبيرة في نزول الأمطار أن تؤدي إلى انخفاض المحاصيل والإنتاج وتؤكد الوزارة أن السدود تسجل حاليا مستويات ملء حرجة مما يؤثر سلبا على كل من السقي والتزود بالماء الشروب وإنتاج الطاقة الكهرومائية وتنعكس هذه التداعيات على كافة القطاعات الاقتصادية التي تعتمد على الماء حيث قد تتأثر آفاق نموها بزيادة الظواهر المناخية القصوى مثل موجات الحرارة وندرة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة وقد نبه البنك الدولي في تقريره الأخير عن المناخ والتنمية إلى أن موجات الحرارة الطويلة وندرة المياه تعرض للخطر سبل كسب الرزق لملايين الأسر الريفية والأنظمة البيئية مثل الغابات والواحات وتتأثر الأسر منخفضة الدخل والنساء والشباب وسكان المناطق الريفية بالصدمات الناجمة عن تغير المناخ أكثر من غيرهم