مهزلة في المؤتمر القومي العربي

في خطوة تمثل مهزلة كبرى، سمح المؤتمر القومي العربي للمدعو عبدالملك الحوثي، زعيم المليشيا الحوثية السلالية والطائفية الكهنوتية الانقلابية، بإلقاء كلمة أمام المؤتمر، تحت ذريعة دعم غزة والقضية الفلسطينية؛ وهي ذريعة واهية لا تبرر هذا الانحراف الخطير عن مبادئ المؤتمر وأهدافه، إذ إن الرجل يمثل مشروعاً معادياً لكل ما يؤمن به المؤتمر القومي العربي من قيم الوحدة والحرية والديمقراطية والعدالة والتحديث.
لقد دخل المؤتمر القومي العربي منذ عام 2015 في مرحلة من التراجع والمهزلة، بعد سلسلة من الأخطاء والانحيازات الخاطئة، حين تخلى عن الموقف القومي الجامع والمشروع الحضاري العربي لصالح دعم مواقف ومشاريع تمزيقية للأمة، وساند جماعات ومليشيات طائفية مرتبطة بالمشروع الإيراني الذي مزّق دولاً عربية عديدة، من العراق إلى سوريا ولبنان واليمن، حيث أعلنت إيران أنها باتت تسيطر على العواصم العربية الأربع لهذه الدول.
هذا الانحراف أدى إلى أن يفقد المؤتمر القومي العربي أبرز عناصره الفاعلة ومفكريه وقادته التاريخيين، وكنت في مقدمتهم الذين جمدوا عضويتهم من مختلف الساحات العربية، وفي مقدمتها مصر، كما شهد غياباً شبه تام لأعضائه من عدد من البلدان منذ العام 2015، بعد أن تخلى عن خطابه الجامع المستند إلى مبادئه الأساسية والعناصر الستة للمشروع الحضاري العربي، ليصبح جزءاً من حالة الانقسام والتمزق ومنحازاً لمحاور ولمشاريع إقليمية معادية للأمة.
إن التعبير عن الموقف المبدئي من القضية الفلسطينية لا يمكن أن يكون مبرراً لهذا الانحراف، ولا غطاءً لتبرير المهزلة التي وصل إليها المؤتمر. فجميع القوميين العرب – ونحن منهم – كانوا وما زالوا يعبرون عن موقفهم الثابت في دعم فلسطين وعدائهم للكيان الصهيوني، دون الحاجة إلى الارتماء في أحضان قوى طائفية ودكتاتورية ولا ديمقراطية أو مشاريع إقليمية معادية.
عندما اجتمع خمسون شخصية عربية بارزة من المفكرين والقادة والممارسين في تونس عام 1990 لتأسيس المؤتمر القومي العربي، وكان لي شرف أن أكون أحدهم – وأصغرهم سناً – تحت إشراف مركز دراسات الوحدة العربية بقيادة المفكر والمناضل الكبير الراحل الدكتور خيرالدين حسيب، كان الهدف واضحاً:
إقامة إطار جامع لكل
ارسال الخبر الى: