ملكة القطن مخاوف وغضب ومستقبل غامض
فاز الفيلم الروائي القصير الست (2021)، للمخرجة سوزانا ميرغني (سودانية روسية)، بجوائز عدّة في مهرجانات دولية، رغم الطرح العادي والمتكرّر وغير المبتكر، معالجةً وأداء وتنفيذاً، وإن كان حينها، مع أفلام سودانية أخرى بدأت تظهر، بدايةً مُبشّرة بسينما تتشكّل تدريجياً، وتخطو باتجاه نضج مخرجة واعدة، لها رؤية فكرية واجتماعية وسياسية صادقة، وفنيات جدية، تحتاج إلى اجتهاد وتمرّس، وخبرة ستكتسبها مع الوقت.
رأت ميرغني (1978) أنّ فكرة الست لم تُستَنفد بعد، فاستعادتها لتطويرها، ولإدخال عناصر أخرى عليها، بإنجازها روائياً طويلاً طموحاً، يُعوّض ما فاتها في الروائي القصير، ويُفسح مساحة أكبر لآراء وأفكار وشخصيات ووجهات نظر، وحشو كل ما يتعلق بمخاوف وغضب ومستقبل غامض، في أساليب سينمائية متداخلة. هذا كلّه في ملكة القطن، المعروض أولاً في أسبوع النقاد، في الدورة 82 (27 أغسطس/آب ـ 6 سبتمبر/أيلول 2025) لمهرجان فينيسيا، فلفت الانتباه الغربي، لسودانيّته الشديدة، ولتفاصيل فيه جديدة نسبياً على المشاهد الغربي، مقارنة بغيره من المنطقة، خاصة خيوطه الفرعية عن معاناة النساء أساساً. إضافة إلى أنّه لأول مخرجة وكاتبة سيناريو سودانية. لذا، لم يكن مُستغرباً استقباله جيداً في مهرجانات مختلفة، وفوزه بجوائز. لكن فوزه بجائزة الإسكندر الذهبي ـ ثيو أنغيلوبولوس، في الدورة 66 (30 أكتوبر/تشرين الأول ـ 9 سبتمبر/أيلول 2025) لمهرجان سالونيك السينمائي الدولي، أحد أبرز المفاجآت المثيرة للغرابة والدهشة.
مشكلة ملكة القطن تطبيقه حرفياً المذكور في أول صفحة في كتاب مشاكل أفلام البدايات: حشد كلّ ما يسع المخرج ـ المخرجة قوله، أو التفكير والشعور به، دفعة واحدة، من دون مراعاة أي شيء. هذا يُمكن تقبّله أحياناً، لكن ليس إذا كان الفيلم بدائيَّ الصنعة، ومتواضعاً فنياً وأدائياً وخيالياً. خاصة أن لا مفاجآت أو مستجدات درامية فيه، أو لغير المتوقّع، أو للتجديد، أقله مقارنة بـالست. مشكلته أنّه يبدو عتيقاً، أفكاراً وطرحاً ومعالجة وحِرفية، وأيضاً مقارنة بأفلام سودانية حديثة. كأنّ السنوات الماضية لم تساهم في تطوير وإنضاج أي فن وفكر وأداء، فتكرّر الانطباع نفسه تقريباً، الحاصل مع الست، وإنْ تجلّت العيوب في الروائي مباشرةً.
ارسال الخبر الى: