ملف رياض سلامة هل يطوى في الدهاليز المعتمة
شهدت الأيام الأخيرة تطوراً لافتاً في ملف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة القضائي، إذ سدّد وكيله القانوني المحامي مارك حبقة كفالة مالية ضخمة بلغت 14 مليون دولار نقداً، إضافة إلى خمسة مليارات ليرة لبنانية، وذلك مقابل الإفراج عنه ومغادرته مستشفى بحنس حيث كان يُعالج. هذه الكفالة، التي تُعد من الأكبر في تاريخ القضاء اللبناني، تعكس حجم الاتهامات وخطورة القضايا المالية المرفوعة بحق سلامة، كما تُبرز مدى تعقيد الملف الذي يجمع بين الشقين اللبناني والدولي. وقد أثارت هذه الخطوة نقاشاً واسعاً في الشارع اللبناني، خصوصاً أنّ المبلغ المدفوع يعادل ميزانيات وزارات بكاملها في ظل الانهيار الراهن.
منذ عام 1993، ارتبط اسم رياض سلامة بشكل وثيق بالاقتصاد اللبناني، إذ تولّى منصب حاكم مصرف لبنان (البنك المركزي) لثلاثة عقود متواصلة تقريباً، ليصبح أحد أطول الحُكّام الماليين بقاءً في منصبه في المنطقة والعالم. خلال تلك الفترة، صُوِّر سلامة في مراحل معينة وسنوات طويلة على أنّه منقذ الاقتصاد اللبناني، فيما اعتبره آخرون مهندس الانهيار المالي الذي ضرب لبنان بعد عام 2019. اليوم، يجد الرجل نفسه في مواجهة القضاء المحلي والدولي، بعدما كان لعقود يُلقَّب بـالموظف الأقوى في الدولة.
قبل تولّيه منصب الحاكم، كان سلامة يعمل مصرفياً ناجحاً لدى مؤسسة ميريل لينش الاستثمارية في باريس، وهناك اكتسب خبرة في عالم الأسواق المالية والاستثمارات. عيّنه رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري في حاكمية مصرف لبنان عام 1993، ليطلق سياسة نقدية قائمة على تثبيت سعر صرف الليرة مقابل الدولار.هذه السياسة وفّرت استقراراً نقدياً نسبياً في التسعينيات ومطلع الألفية، ما ساعد على اجتذاب الرساميل من الخارج، لكنها في الوقت نفسه أسست لنموذج اقتصادي هش، يعتمد على الاستدانة وتحويلات المغتربين والفوائد المرتفعة. وخلال سنوات طويلة، حظي سلامة بدعم سياسي واسع من مختلف القوى، إذ اعتُبر شخصية توافقية ومظلة مالية للدولة، وقد ساعده هذا الدعم على تجديد ولايته مرات متتالية، بالرغم من الانتقادات المتصاعدة لسياساته.
لكن بعد أزمة 2019، حين انهار سعر الصرف، وانهارت البنوك اللبنانية، ومعها ودائع اللبنانيين، وُجّهت أصابع
ارسال الخبر الى: