ما مقاييس نجاح المحتوى

23 مشاهدة

أذكر مثالاً حياً من تجربة شخصية. اشتركت مع مؤسسة إعلامية محلية في إنتاج حملة حول موضوع مجتمعي حساس. خلال أيام قليلة، جمعت الحملة ملايين المشاهدات وتصدرت الترند. لكن حين راجعنا النتائج بعد أسابيع، اكتشفنا أن السلوك الاجتماعي الذي أردنا التأثير فيه لم يتغير إطلاقاً. كان النجاح رقمياً فقط، أما الأثر الحقيقي فظل غائباً. ورغم أن الحملة لاقت تداولاً واسعاً، أوضح مسؤول النشر لدينا أنه صرف أكثر من (4,000) دولار على التمويل، مدعياً وصول الحملة إلى (36) مليون متابع في غضون أسبوع واحد، وهو رقم لم تصل إليه المؤسسة منذ تأسيسها.

على الجانب الآخر، تابعت قبل فترة تجربة دائرة الصحة العامة في كندا. أطلقت مقطع فيديو قصيراً يشرح مخاطر التدخين الإلكتروني (vaping) على المراهقين. الفيديو لم يتجاوز (200) ألف مشاهدة، لكنه أدى إلى ارتفاع نسب التبليغ والاستشارات الصحية بنسبة 15% خلال شهرين. هنا لم يكن الرقم الضخم هو البطل، بل الأثر الفعلي في السلوك.

وفي العراق، يتكرر هذا المشهد كثيراً. نرى مقاطع فيديو عن ترشيد الكهرباء أو حملات التشجير تصل إلى أرقام هائلة من المشاهدات، لكنها لا تحرك ساكناً في السياسات أو في وعي الجمهور. مقابل ذلك، تقرير قصير عن مبادرة شبابية لتنظيف شوارع النجف أو البصرة قد يحصد بضعة آلاف فقط، لكنه يدفع العشرات من الشباب للتطوع والانخراط في العمل المدني. هنا يظهر الفرق بين الضجة والأثر.

النجاح الحقيقي في صناعة المحتوى ليس أن تصل إلى الجميع، بل أن تصل إلى من يهم أن تصل إليهم

يقودنا هذا إلى موقف حدث قبل نحو سنتين، حينما كنت في إحدى ورش التدريب. رفع أحد المتدربين يده وسألني: أستاذ، إذا وصل فيديو إلى مليون مشاهدة، نعتبره ناجحاً؟. لم أكن حينها بالوعي الكافي للإجابة عن هذا السؤال. قلت له: نعم، الوصول مهم كخطوة أولى، ولكن ليس هو الهدف تماماً. ومع تراكم الخبرة أدركت أنني كنت على جزء من الصواب، لكنني لم أملك الإجابة الجيدة حينها.

لقد أصبح واضحاً أن النجاح الحقيقي في صناعة

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح