مغالطة الشخصنة بين جوهر الفكرة وصراع الهوية

31 مشاهدة

كم من نقاشٍ انحرف عن مساره لأنّنا استبدلنا نقد الفكرة بمهاجمة صاحبها؟

هذه الظاهرة الشائعة تُعرف في علم المنطق بـ مغالطة الشخصنة، وهي من أكثر العوائق التي تفسد الحوار وتضعف التفكير الجمعي في مجتمعاتنا العربية. لكنها ليست مجرّد خطأ في الجدل، بل مشكلة نفسية واجتماعية أعمق، تعكس نمطاً من التفكير الدفاعي والانفعالي الذي يربط بين الفكرة والهُويّة، وبين الرأي والكرامة الشخصية.

ماهي مغالطة الشخصنة؟

هي الميل إلى رفض فكرة معينة أو إسقاطها بسبب من قالها لا بسبب ضعفها أو تناقضها. بدل أن نناقش المضمون، نذهب إلى الطعن في النّيات أو الصفات أو الخلفيات الشخصية. نسمع مثلاً: أنت لست مؤهلاً لتتحدّث، أو كلامك غير موضوعي لأنك تنتمي إلى جهة معينة. بهذه الجملة البسيطة، نغلق باب النقاش ونحوّله من حوار فكري إلى صراع شخصي. الشخصنة إذن ليست جدالاً، بل آلية للهروب من النقاش العقلاني، لأنها تريحنا من عناء التفكير في الحجّة، وتمنحنا شعورًا زائفًا بالتفوّق.

الجانب النفسي: الدفاع عن الذات بدل مواجهة الفكرة

من منظور علم النفس المعرفي، الشخصنة تنشأ من الخلط بين الرأي والذات. حين يهاجم أحدهم فكرتي، أفسّر الأمر لاشعورياً على أنه يهاجمني أنا. هذه الاستجابة الدفاعية تُشغّل في الدماغ ما يُعرف بنظام (القتال أو الهروب)، فنرد بعنف أو انسحاب بدل الحوار. في العمق، نحن نمارس ما يسميه علماء النفس بـ التحريف المعرفي: نحوّل النقد الموضوعي إلى تهديد شخصي. وهذا التحريف يجعلنا غير قادرين على الفصل بين قيمة الفكرة وقيمة الشخص. النتيجة؟ تضخّم الأنا، وانكماش الحقيقة.

الشخصنة ليست سلوكاً فردياً فحسب، بل هي نتاج ثقافة كاملة ترى في الاختلاف خطراً على التماسك

الجانب الاجتماعي: حين يتحوّل الانتماء إلى جدار

الشخصنة ليست سلوكاً فردياً فحسب، بل هي نتاج ثقافة كاملة ترى في الاختلاف خطراً على التماسك. في بيئات يغيب فيها الأمان الفكري، يصبح الاتفاق شرطاً للقبول، والخلاف مؤشّراً على الخيانة أو الازدراء. ننشأ في بيئات تُعلّمنا أنّ الخطأ عيب، وأنّ من يخالفنا يقلّل منا، فتترسّخ في وعينا فكرة أنّ الدفاع عن

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح