مراسلو غزة خط الدفاع الأول ضد التعتيم
نجا من نجا وقتل من قتل من صحافيي غزّة في حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع. أكثر من 250 صحافياً وعاملاً إعلامياً سقطوا في التغطية، بعضهم في استهداف مباشر. لم تعترف المجموعة الصحافية العالمية بأهمية التغطية الصحافية التي قدّموها على حساب أرواحهم لكسر التعتيم الإسرائيلي على وحشية الإبادة. قبل الحرب، لم يعترف العالم بهم، كانوا مجرّد مساعدين صحافيين، كما نسمّيهم عادة (فيكسر)، يقتصر عملهم على مساعدة المراسل الخارجي الزائر وإرشاده في ساحة التغطية. بعضهم أصوات تنقل الخبر لوسائل إعلام محلّية لم نكن في الغالب نسمع بها. خلال حرب الإبادة تحوّل مقتل هؤلاء مادّةً للحوارات المتلفزة حول ما إذا كانوا صحافيين بحقّ أو مقاتلين في صفوف حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، لتنزع عنهم المشروعية الصحافية في حياتهم كما في مماتهم.
ترك صحافيو غزّة بصمتهم على التغطية الإعلامية لنزاعات فائقة الخطورة عبر إصرارهم على التغطية رغم خطر غير موصوف. لعلّ فعل التغطية الإعلامية المتواصلة من قلب ساحة الإبادة، رغم تساقط هؤلاء الواحد تلو الآخر، أبرز أشكال الصمود في وجه محاولات المحو الإسرائيلية. أعاد من بقي من زملائهم ذكراهم بعد وقف إطلاق النار عبر إعادة نشر تعبيراتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، وذكريات معايشتهم المشتركة ليوميات الحرب: انتهت الحرب يا فلان لكنّك لست معنا. من بقي منهم في قيد الحياة محظوظ لأن آلة الحرب الإسرائيلية لم تستهدفه، أو أنه نجا منها بأعجوبة. لكنّنا لا نعرف كثيراً عن الناجين، وإلى أيّ حدّ يمكن اعتبار نجاتهم من القتل، التي قد تكون مؤقّتة، نجاةً فعليةً من تروما (صدمة) حرب لا مثيل لعنفها.
لاحقت صحافيي غزّة حملاتُ تشهير ونزع إنسانية، ساهمت في تسهيل قتلهم ومنح المشروعية والحماية للقاتل. لم يحاول القتلة تبرير جريمتهم، بل أعلنوها للملأ بحجّة أن الصحافيين ناشطين في حماس أو مؤيّدين للحركة. على سبيل المثال، أعلن الجيش الإسرائيلي قتل مراسل الجزيرة أنس الشريف، ومعه المراسل محمّد قريقع، والمصوّر إبراهيم زاهر، وسائق الطاقم محمد نوفل، في غارة استهدفت خيمتهم خارج مستشفى الشفاء في غزّة (أغسطس/ آب 2025). كان
ارسال الخبر الى: