محمد الماغوط العصفور الأحدب يغرد خارج السرب
استطاع الماغوط من خلال تجربته في كتابة الشعر أن يقدم نموذجًا متطورًا لبناء القصيدة الشعرية، متجاوزًا كل الأنماط الكلاسيكية المعتادة. ورغم كل الانتقادات اللاذعة التي طاولت مجلة شعر، والتي حاولت التقليل من شأن قصيدة النثر، إلا أن الماغوط كان متمسكًا بقصائده، مُعتبرًا أن الشعر بمفهومه الأصلي هو نطاق حر لا تكبله الأوزان والبحور، وعليه أعلن الماغوط ثورته التجديدية على الكلاسيكية الشعرية وأطلق ديوانه الأول حزن في ضوء القمر الصادر عن منشورات مجلة شعر/ بيروت 1959م.
نزعة التحرر في أدب محمد الماغوط
لعل نشأة الماغوط في ظل ظروف قاسية هناك في مدينة سلمية 1934، كانت حافزًا لا شعوريًا حرك الماغوط نحو مسار مغاير عن أقرانه، فهو ابن القرية المنسية وابن بيئة زراعية فقيرة، فكأن فكرة التمرد على الواقع تجلت في حياته منذ الطفولة لتنعكس في قصائده وحتى مسرحياته.
ويعتبر السجن في تجربة الماغوط نقلة نوعية، فمن سجن الحياة البائسة إلى خلف القضبان - نتيجة انتمائه للحزب السوري القومي الاجتماعي - كانت رحلة استطاع إعادة تشكيلها وفق فلسفته الشعرية، فهو الذي عايش قيود الحياة وأصفاد السجن فكان جامحًا للحرية، مؤمنًا بأن القيود العبثية التي يفرضها تراكم التجارب ليست قانونًا يجب الانصياع له. حيث كتب الماغوط في قصيدة سلمية:
يحدّها من الشمال الرعب ومن الجنوب الحزن ومن الشرق الغبار ومن الغرب الأطلال والغربان فصولها متقابلة أبدًا كعيون حزينة في قطار.
هيمنت تيمة الاغتراب على النص الشعري، حيث نلاحظ في سياق تنامي القصيدة حالة من الرفض الدائم، فكان التغريب سلاح الماغوط لينسج قصيدة تمر من مقصلة الرقابة، أي أن اللا انتماء في نص الماغوط هو انتماء للحرية متحاملاً على السجن والجلاد، حاول الماغوط في كل مرة أن يمرر رسالة مفادها أن رفض السائد ليس حالة من العدمية بل هو استجابة لفطرة الحرية عند الإنسان، محاولاً شحن القارئ العربي واستثارة الشعوب الغافية، فالغضب هو أداة التغيير.
الأثر الخالد والنظرة الاستشرافية
لم يكتب الماغوط قصيدة ملزمة بزمكانية معينة، كما رفض حالة التشخيص والتشهير، حيث امتازت نصوصه
ارسال الخبر الى: