محاولات إسرائيلية لتفكيك المجتمع الفلسطيني
في خطوة تكشف عن استمرار النهج الاستعماري الإسرائيلي القائم على التفتيت وإضعاف البنية الفلسطينية، تداولت وسائل إعلام إسرائيلية تقارير تُفيد بأنّ رئيس حكومة الاحتلال يدرس خطة تهدف إلى استبدال قيادة السلطة الفلسطينية في الخليل بزعامات عشائرية. هذه الخطة تهدف إلى عزل المدينة عن باقي مناطق الضفة الغربية، وإعادة صياغة المشهد السياسي والاجتماعي فيها.
هذا المشروع ليس جديدًا في سياق سياسات الاحتلال، بل هو امتداد لسياسة الإدارة المدنية التي سعت سابقًا لتجاوز التمثيل الوطني الفلسطيني واستبداله بأطر محلية يسهل التحكّم فيها. الخليل، بما تمثّله من أهمية سكانية واقتصادية ورمزية، كانت دائمًا هدفًا استراتيجيًّا، فهي مدينة ذات نسيج اجتماعي قوي، وقاعدة للحركات الوطنية. ومن هنا، يسعى الاحتلال إلى اختراقها عبر إحياء البنية العشائرية لإضعاف السلطة وتحويل الصراع من سياسي إلى نزاع اجتماعي داخلي.
من منظور فلسطيني، تتجاوز خطّة نتنياهو مجرّد السيطرة الأمنية لتصل إلى محاولة إعادة تشكيل الوعي المجتمعي. يراهن الاحتلال على أنّ العشائر يمكن أن تكون بديلًا عن الشرعية الوطنية الفلسطينية، وأن التعامل مع وجهاء وشيوخ عشائر تقليديين سيكون أسهل من التعامل مع قوى سياسية. هذه المقاربة تكشف عن حجم الأزمة التي تواجهها إسرائيل في إدارة الصراع، إذ تلجأ إلى أدوات التفكيك الداخلي بدل مواجهة الواقع الديمغرافي والسياسي الذي يفرض نفسه في الضفة الغربية.
الخطر الحقيقي في هذه الخطّة يكمن في سعي الاحتلال إلى إضفاء الشرعية على الانقسام الداخلي، وإعادة إحياء سياسة الروابط القروية التي فشلت في الثمانينيات بفضل الوعي المجتمعي. اليوم، تعود المحاولة بأدوات جديدة، مستفيدة من ضعف الثقة بالسلطة الفلسطينية وغياب الأفق السياسي، مما يجعل البيئة مُهيّأة لمحاولات الاختراق للمجتمع الفلسطيني.
أظهر المجتمع الفلسطيني، رغم التحديات الداخلية، مناعة قوية ضدّ محاولات التقسيم
لكن ما يتجاهله نتنياهو هو أنّ المجتمع الفلسطيني، رغم التحديات الداخلية، أظهر مناعة قوية ضدّ محاولات التقسيم. فالانتماء الوطني ظلّ أقوى من أيّ ولاءات محلية، ودليل ذلك أنّ الخليل نفسها، رغم بنيتها العشائرية، كانت دائمًا حاضنة للمقاومة.
تسعى إسرائيل إلى إعادة تعريف الشريك الفلسطيني ليناسب مصالحها، متجاوزة
ارسال الخبر الى: