محاكم الموت في صنعاء كيف صنع الحوثيون دولة الخوف على الطريقة الإيرانية

تعيش صنعاء أخطر مراحلها منذ سيطرة الحوثيين، بعد تنفيذ الميليشيا إعدامات علنية بحق 17 مدنيًّا اتُهموا بالتجسس، في خطوة وصفها حقوقيون وخبراء يمنيون بأنها نقطة التحول من سلطة أمر واقع إلى دولة أمنية مكتملة الأركان. هو مشهد لا تغيب عنه إيران، وفق هؤلاء، عبر نقل تجربة القمع إلى حلفائها الحوثيين، والتي تُوجت بإنشاء جهاز الأمن الوقائي؛ الأقوى والأكثر رعبًا ضمن أجهزة الأمن الحوثية.
مصادر يمنية خاصة أكدت لـإرم نيوز أن الإعدامات جاءت بعد أشهر من التحقيقات داخل معتقلات سرية في الحصبة وجنوب صنعاء والحديدة، وأن معظم المتهمين لا علاقة لهم بالعمل الاستخباري، وأن الاعترافات انتُزعت تحت الضغط والتهديد.
مصدر أمني سابق قال إن ما جرى ليس محاكمة؛ إنها عملية تصفية سياسية بغطاء قضائي.
هذا الحدث - بشكله وطريقة إخراجه - أعاد للأذهان إرث محاكم أمن الدولة السورية وصدام حسين في التسعينيات: القضاء يتحول إلى أداة تنفيذ لقرار أمني سابق، والإعدام يصبح رسالة سياسية قبل أن يكون عقوبة قانونية.
الباحث الإستراتيجي اليمني سالم الحيمي يرى في حديثه لـ إرم نيوز أن هذا التحول لم يأتِ فجأة، بل هو تتويج لمسار طويل: منذ دخولهم مؤسسات الدولة، أعاد الحوثيون تفكيك مفهوم الدولة نفسها؛ الأمن أصبح المرجع الأعلى، والخوف هو وسيلة الحكم الأساسية.
بحسب الحيمي، يشعر سكان صنعاء وذمار وصعدة والحديدة أن أي كلمة قد تُفسّر كجريمة، وأن الولاء العقائدي حلّ محل القانون، وأن الأجهزة باتت أكثر حضوراً من المدارس والمستشفيات.
سجون بلا خرائط… وجهاز أمني ينمو في الظل
تقدّر منظمات حقوقية أن عدد المعتقلين والمفقودين في مناطق الحوثيين تجاوز 11 ألف شخص، لكن الحيمي يؤكد لـإرم نيوز أن الرقم الحقيقي أكبر بكثير، لأن الجماعة تخفي سجونًا لا يعرف أحد مكانها.
وتفيد المنظمات الحقوقية بأن السجون الرسمية تحولت إلى مراكز تحقيق، بينما ظهرت شبكة من السجون السرية في مبنى الأمن السياسي في صنعاء بعد تحويله لجهاز استخبارات مركزي، وفي مقرات لواءات حوثية في صعدة، ومبانٍ حكومية مصادَرة في ذمار والحديدة، وأيضًا في منازل ومزارع
ارسال الخبر الى: