مؤتمر المركز العربي وكوليج دو فرانس الكلمة لم تعد حرة في فرنسا
يُروى أنّ الشاعر والفيلسوف الفرنسي بول فاليري، حين أوقفه أحد الضباط الألمان أمام بوابات الكوليج دو فرانس إبّان الاحتلال النازي، أجابه بثقة وهدوء: هذا بيت تُمارَس فيه الكلمة بحرّية. يبدو أنّ مقولة فاليري لم تعد صالحة اليوم، إذا ما نظرنا إلى قرار إدارة معهد كوليج دو فرانس، التي أعلنت أمس بشكل رسمي عن إلغاء مؤتمر أكاديمي مشترك للجامعة مع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات – فرع باريس، كان مقرراً عقده يومي 13 و14 من الشهر الجاري تحت عنوان: فلسطين وأوروبا: ثقل الماضي وديناميات المعاصرة. وكشفت مصادر من منظمي المؤتمر لـالعربي الجديد، أنهم في صدد بحث نقل جلسات السيمنار العلمي - البحثي إلى مكان آخر في العاصمة الفرنسية.
بدأت القصة مع مقال صدر في المجلة الأسبوعية يمينية الهوى لو بوان يوم الجمعة الماضي، بتوقيع إروان سيزنك وإسماعيل البو-كوتيرو، هاجما فيه المؤتمر بتهم من نوع أنه مؤيد للفلسطينيين ومعادٍ للصهيونية وللكولونيالية. تبعت المقال حملة إعلامية ممنهجة في الصحف والمنابر الفرنسية هاجمت المشاركين في المؤتمر، منهم وزير الخارجية الفرنسي الأسبق دومينيك دو فيلبان، ومشاركين آخرين مثل جوزيب بوريل وعزمي بشارة ومزنة شهابي وغيرهم.
وإلى جانب هذه الحملة الإعلامية، لم تفوّت الرابطة الدولية ضد العنصرية ومعاداة السامية (Licra) – المعروفة بدعمها القوي لإسرائيل في فرنسا – فرصة مهاجمة المؤتمر وضيوفه ومحاضريه، إذ وصفت الحدث بأنه سيرك مناهض للصهيونية وتشويه لمؤسسة مرموقة. وأعلنت المنظمة صراحة أنها ستتواصل مع وزير التعليم العالي لممارسة الضغط الرسمي على الكوليج. يبدو أن ضغوط هذه اللوبيات كانت أقوى من قيمة الحرية التي قامت من أجلها الثورة الفرنسية. والدليل هو إصدار إدارة كوليج دو فرانس بياناً رسمياً وقعه مديرها توماس رومر أعلن فيه إلغاء المؤتمر، وهو قرار نادر بالنسبة لمؤسسة لطالما اعتُبرت منارة للحرية الفكرية.
وعلى الرغم من أن إدارة كوليج دو فرانس بررت قرار الإلغاء بسبب الجدل المثار حول الحدث، وحرصاً على سلامة الأشخاص والممتلكات، وضمان حسن سير الفعاليات، فإن هذه التبريرات تبدو ضعيفة عند النظر إلى السجل التاريخي
ارسال الخبر الى: