مأرب في حرب استعادة الدولة والجمهورية الأخيرة عبده سالم

62 مشاهدة
اندلعت حرب استعادة الشرعية عقب الانقلاب الحوثي وسيطرته على مؤسسات الدولة وفي مقدمتها مؤسسة الجيش التي تعرض قرارها السيادي للاختطاف حيث انقسم الجيش حينها إلى ثلاثة مسارات من وقف إلى جانب الحوثيين ومهد لهم الطريق ومن قرر مواجهتهم ومن التزم الحياد في موقف وصف بالمذل وهي جميعها بالنسبة للجيش المقاتل خيارات صعبة ومعقدة إذ أن الجيش إذا أراد ان يخوض معركة في الظروف الطبيعية فإنه يحتاج إلى وقت طويل لإعادة التنظيم والتعبئة والتسليح واستدعاء الملاك العسكري وترتيب صفوفه فكيف يكون الحال في ظل الانقسام وغياب القيادة المركزية واختطاف القرار السيادي لقد شكل هذا الانقسام العسكري أحد أبرز التحديات التي واجهت معركة استعادة الدولة وتزامن مع حالة من التخاذل السياسي حيث تماهت بعض القوى الحزبية والجماهيرية مع الانقلاب وامتنع كثير منها عن اتخاذ مواقف حاسمة مما منح الحوثي دعما سياسيا وشعبيا مضاعفا ورغم حالة الارتباك التي شهدتها الوحدات العسكرية التابعة للمنطقة العسكرية الثالثة في مأرب نتيجة هذا الانقسام إلا أن وضعها كان أفضل نسبيا من غيرها من الجبهات التي انخرطت كليا في المسار الانقلابي أو التزمت الحياد السلبي مأرب تخوض حربا مكتملة المشروعية متعددة الأبعادفي ظل غياب القرار المركزي من قيادة المؤسسة العسكرية بإعلان حالة الحرب انتقلت المشروعية تلقائيا إلى الشعب استنادا إلى نص الدستور الجيش ملك للشعب وفي مأرب حيث لم تكن القبائل وفق تقاليدها تخوض حروبا خارج حدودها القبلية إلا تحت راية الدولة فقد بادرت هذه القبائل إلى تأسيس المطارح القبلية كمبادرة دفاعية تستند إلى مشروعية شعبية محلية وقد أتاح هذا التحرك القبلي للجيش في المنطقة العسكرية الثالثة فرصة لإعادة ترتيب صفوفه ومن ثم الألتحام في المعركة تحت غطاء شعبي واسع ومشروعية محلية معتبرة وفي الإتجاه المقابل فقد اضفى تحرك الجيش على هذه المشروعية الشعبية قدرا من المشروعية السيادية التي يمثلها الجيش باعتباره مؤسسة سيادية بهذا الأداء المتميز تشكل في مأرب نموذج فريد لـحرب شعبية كان الجيش فيها طليعة متقدمة لقوى المجتمع لا مؤسسة منفصلة عنه وبفضل هذا التلاحم انطلق الجيش والمقاتلون القبليون للدفاع عن المحافظة ومنع أي تقدم حوثي نحوها وقد التحقت بهذه الجبهة قوى شعبية وقبلية من الإقليم الشرقي كالجوف والبيضاء كما تحولت مأرب إلى حاضنة وطنية لكل النازحين والمقاومين من مختلف المحافظات اليمنية وبذلك انصهرت المطارح القبلية في إطار مقاومة شعبية ذات مشروعية وطنية عامة متجاوزة بذلك نطاق المشروعية المحلية وهي المشروعية الوطنية التي بموجبها حصلت مأرب على تفويض وطني بقيادة معركة التحرير الوطنية واستعادة الدولة لا شك أن بقاء خط الإمداد مفتوحا مع المملكة العربية السعودية قد ساهم في تعزيز صمود مأرب وأضفى على المعركة بعدا إقليميا إضافيا وشكل عامل إسناد لمشروعيتها الوطنية كما لعبت مأرب دورا محوريا في حماية المنشآت النفطية والشركات الدولية العاملة فيها مما منحها وزنا دوليا نوعيا بالنظر إلى أهمية هذه الشركات بالنسبة لبلدانها وبذلك وبفضل هذه الحرب التحريرية التي استندت إلى مفهوم المشروعية الوطنية أصبحت مأرب تحظى بتفهم دولي معتبر بوصفها آخر ما تبقى من شرعية الدولة اليمنية السيادية ومركزا لقوتها وثروتها مشروعيات متراكمة ومرتبطة تراتبيايمكن القول إن محافظة مأرب من خلال أدائها المتميز في معركة التحرير قد راكمت مستويات متعددة من المشروعية يمكن تصنيفها على النحو الآتي مشروعية شعبية محلية تجلت في الدور الفاعل للمطارح القبلية داخل المحافظة والتي شكلت حاضنة اجتماعية ومجتمعية للمقاومة مشروعية سيادية تمثلت في إعادة تنظيم الجيش الوطني وقيادته للمعركة وتحوله إلى قوة مقاتلة متقدمة وطليعية في مواجهة الانقلاب مشروعية وطنية تعززت من خلال ارتباط معركة مأرب بمختلف المحافظات اليمنية ومشاركة أبنائها النازحين والمقاومين الذين التحقوا بجبهات القتال وخطوط النار وساهموا في خوض حرب التحرير الوطنية إسناد إقليمي تمثل في الدعم الكبير والمستمر من المملكة العربية السعودية سياسيا وعسكريا وإنسانيا وهو ما أضفى على المعركة بمشروعيتها الوطنية اسنادا إقليميا معتبرا تفهم دولي نابع من إدراك أهمية حماية مأرب لشركات النفط الدولية العاملة فيها والخدمات الأمنية المقدمة لها في ظل غياب الدولة المركزية الضامنة لنشاط وحقوق والتزامات هذه الشركات لقد منح هذا التراكم المترابط من مصادر المشروعية محافظة مأرب موقعا استثنائيا في معركة استعادة الدولة اليمنية حيث امتلكت كافة عناصر المشروعية الوطنية بشكل متدرج ومتكامل بدءا من المشروعية القبلية المحلية ومرورا بالمشروعية السيادية المتمثلة في الجيش ثم المشروعية الوطنية ذات الامتداد الشعبي المسنودة إقليميا والمتفهمة دوليا هذا الموقع المتميز ينبغي لمأرب التمسك به وعدم التنازل عنه قيد أنملة فهي بهذه المشروعية المتكاملة قادرة على استعادة مشروعيتها الحضارية السبئية الضاربة في أعماق التاريخ تلك المشروعية التي دخلت بها اليمن إلى الإسلام وأسهمت من خلالها بدور محوري في مسيرة الدولة الإسلامية ولا تزال هذه المشروعية تمثل جدار الصد التاريخي في مواجهة المشروع الإمامي الكهنوتي وأي عودة إلى ما قبل مشروعية المطارح لا يمكن النظر إليها إلا كانتكاسة تاريخية لمأرب ولرجالها وقبائلها وموروثها الحضاري وهو الوضع الذي سيفوت على مأربفرص قد تجود بها المتغيرات والمستجدات الدولية والأقليمية في قابل الأيام إنتهى

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع الصحوة نت لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح