كليلة وهدى شخصيات حيوانية تعبر عن مواقفها تجاه العالم
نصوص قصصية تعتمد الإيحاء والرمز، تعيد من خلالها الكاتبة القطرية هدى النعيمي صياغة علاقة الإنسان بالطبيعة والكائنات الأخرى، مع سعي للحفاظ على دقة السرد ورصانة اللغة، التي تُبنى على تراكيب واضحة وجمل محكمة، وتتيح للقصص أن تتحرك بين التفصيل الدقيق والتجريد التأملي. في مجموعتها كليلة وهدى (دار جامعة حمد بن خليفة، 2025) تستعيد تقاليد حكايات كليلة ودمنة، ضمن رؤية معاصرة تستثمر الحيوان والطيور بوصفها وسائط رمزية لطرح أسئلة إنسانية وأخلاقية. تضم المجموعة القصصية ست عشرة قصة، وتوضح النعيمي في مقدمتها أنّ النصوص لا تهدف إلى تقديم معرفة علمية، بل تقوم على جمال الرمزية وجوهرها في الحكي، حيث تُمنح الشخصيات الحيوانية حرية التعبير عن مواقفها تجاه العالم والكائنات المحيطة بها، سواء بالانسجام أو التنافر، وهو ما يؤكّد قيمة التنوع في الأفكار وضرورة التعايش بين الكائنات لاستمرار دورة الحياة. بعض القصص تتقاطع مع الواقع، وبعضها يعانده، حسب المؤلفة، ما يترك مساحة للقارئ للتأويل والمشاركة في بناء المعنى.
ويأتي حضور الحيوان بوصفه كائناً يمتلك حدوده ووسائله الخاصة في فهم البيئة، فتتقدّم الحكايات باعتبارها مجالاً يكشف ما قد يتعذّر الإفصاح عنه مباشرة حين تتعلّق التجربة بالخوف أو الفقد أو التغيّر الذي يطرأ على اليوميّ بفعل الواقع الأوسع. ومن هذه الزاوية، يصبح الحيوان وسيطاً سردياً يفتح المجال أمام القارئ لتأمل الذات البشرية عبر مجاورة وجودٍ آخر يختلف عنها بقدر ما يضيء جانباً من تجربتها.
وتقدّم قصة الببغاء الأحمق نموذجاً لهذا الاشتغال الرمزي؛ يدخل الببغاء بيتاً وصفه الزوج منذ يوم الزواج بأنه بيت أساسه الحرية. يعيش الطير في جو من الألفة، ويُصبح جزءاً من الروتين اليومي للعائلة، قبل أن يخرج محلقاً إلى الأشجار ثم يعود إلى قفصه، فتستقبله الأسرة بالفرح. تكشف القصة العلاقة بين الحرية والانتماء، وتبرز كيف يتحول الكائن الصغير إلى مرآة لأسئلة العائلة ومخاوفها الصغيرة، مع إبراز التوازن بين الاستقلال والانصهار في نسيج الحياة اليومية.
يصبح الحيوان شاهداً على ما لا تستطيع لغة الأخبار وحدها نقله
تتخذ الحديقة في قصة قال الهدهد مركزاً
ارسال الخبر الى: