صيام ومحمد شابان من بنغلادش ورغم انتمائهما إلى ذات البلد غير أنهما لم يتعارفا إلا داخل أحد قوارب الهجرة في عرض البحر المتوسط ولم يخطر ببالهما أن يكونا عرضة للموت وأن ينتهي بهما المطاف في أوروبا فقد انتقلا من بنغلادش إلى ليبيا أملا في حياة أفضل ومساعدة عائلتيهما غير أنهما عايشا الجحيم في ليببا وكادا يعانقان الموت في رحلتهما نحو أوروبا تعهد صيام ومحمد وهما يتيمان إعالة عائلتيهما في بنغلادش حيث يعيش نحو نصف السكان على أقل من دولار يوميا يقول محمد من على متن إحدى سفن الهجرة إن كل شيء يعتمد علي العلاج الطبي والغذاء وكل شيء وأمل الشابان اللذان وصلا عبر رحلات جوية من الإمارات إلى ليبيا كلفت بضع مئات من اليورو العثور على وظائف هناك في الزراعة والنفط أو البناء لكنهما وجدا نفسيهما بدلا من ذلك عالقين في تجارة الهجرة التي تسحق آلاف الأشخاص من دون أي رحمة كل عام في بلد يعاني الفوضى منذ عام 2011 قوارب الهجرة مقابر سيارة يقول محمد 25 عاما بعد ساعات من إنقاذه قبالة مالطا بواسطة سفينة الإنقاذ أوشن فايكينغ ضربوني على ساقي ولكموني في جسدي مرات عدة في إشارة إلى مهربي البشر في ليبيا حيث تعرض للترهيب على مدى أشهر والتهديد باقتلاع أظفاره مستذكرا أنه قال لنفسه سأموت إذا بقيت هنا في إشارة إلى ليبيا البلد الذي اعتقد في البداية أنه سيوفر له المال الكافي لإرساله إلى عائلته مضيفا لذلك قررت مهما حدث مغادرة هذا المكان من جهته يقول صيام 20 عاما إنه عثر على وظيفة عامل نظافة في مستشفى في بنغازي لكن لم أحصل إلا على نصف راتبي عندما سألت عن المبالغ المستحقة صفعوني وبات الهرب مخرجه الوحيد لكن المخاطرة بحياته في أحد طرق الهجرة الأكثر خطورة في العالم له ثمن 5000 دولار خلال محاولات محمد للهرب من جحيم ليبيا حبس في أبنية مسبقة الصنع غير صحية وسلم من مهرب إلى آخر نجح أخيرا في الفرار من سجانيه مع شخصين رافقاه وبقي من دون مأوى ولا مال ليبيع كل ما بقي لديه هاتفه وملابسه التي قبل بها مهرب في نهاية المطاف وأخيرا وجد نفسه على متن قارب من الألياف الزجاجية إلى جانب صيام في طريقهما إلى صقلية وتوسلت عائلة صيام للحصول على المال من أي شخص يمكنه المساعدة مضيفا باعت عائلتي بعد ذلك منزلي باعوا منزلي لينقذوني موضحا إذا كان بإمكانك تقديم المال تدفع وستكون حرا وإلا فسيضربونك مبينا أن المهربين يعدون تسجيلات مصورة وهم يضربونك ويبلغون عائلتك بأن تدفع المال وإلا فسيقتلونك معانقة الموت في قوارب الهجرة يتذكر الشابان كيف جلسا معا في القسم السفلي المتآكل من القارب حيث شعرا بالبرد الشديد واستحما بالمياه المالحة فيما طغت رائحة الوقود في الجو يقول محمد كانت الأمواج عالية جدا في المحيط على ارتفاع خمسة أو ستة أمتار وكان القارب صغيرا جدا وبعد ثلاثة أيام أبحر القارب فيها بسرعة 600 كيلومتر نفدت المياه والطعام والوقود وبدأت المياه تدخل إلى القارب استخدم كل شيء من القوارير إلى الإسفنج والملابس لإنقاذ القارب وبفضل توافر هاتف تمكن المهاجرون من إبلاغ الخط الساخن المخصص للمهاجرين الذي يتعقب القوارب في المتوسط ألارم فون بموقعهم عبر نظام تحديد المواقع العالمي وعند قرابة الساعة الرابعة صباحا من يوم الاثنين لاحظت سفينة أوشن فايكينغ التي تشغلها منظمة إنقاذ المهاجرين إس أو إس ميديتيرانيه القارب الصغير الذي يستغيث وبدأت الاقتراب يستذكر محمد أنه تساءل إن كانوا قراصنة قائلا لنفسه ما الذي يمكن أن يأخذوه منا لم يبق لدينا أي شيء وانتشل المهاجرون الـ35 الذين كانوا على متن القارب من البحر إذ بدوا غير قادرين على الوقوف ومرهقين يقول صيام لأولئك الذين أنقذوه أنتم نعمة أحببتمونا كثيرا أنقذتم حياتنا يأمل الرجلان الآن تقديم طلب لجوء وهي مهمة ستكون صعبة في عهد حكومة رئيسة الوزراء اليمينية المتشددة في إيطاليا جورجيا ميلوني حيث صنفت إيطاليا هذا الشهر بنغلادش التي رحل معظم المهاجرين القادمين إلى إيطاليا منها العام الماضي على أنها بلد آمن ما عقد طلبات اللجوء لكن الأمر لم يثن محمد الذي يأمل أن يصبح خبازا ليقول اقتربت كثيرا من الموت وجودي هنا ولادة ثانية فرانس برس العربي الجديد