فيلم الست لمروان حامد الإنسان وراء الأسطورة
آلاف التعليقات، والمنشورات، والمقاطع المصوَّرة أُطلقت وما تزال بحق فيلم الست للمخرج مروان حامد. الجدل طغى على نقاش نقدي مطلوب، إذ يقدم الفيلم، الذي عرض في الدورة الـ22 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، ملامح غير متداولة سابقاً في شخصية أم كلثوم. وهذا بالضبط أثار حنق كثيرين في مصر تحديداً، إذ يُعتبر ممنوعاً المسّ بـقدسية الست، بأي شكل من الأشكال.
منحت الفورة الرقمية كل من أراد الإدلاء برأيه مساحة للحديث، فتجاوزت الأصوات الغاضبة والأصوات المؤيدة بكثير عدد نقّاد السينما المحترفين حول العالم. لكن المسألة الأهم هنا ليست الكم، بل الموضوعية: الشخصية الغنائية النادرة، في النهاية، إنسان طبيعي له حياته اليومية، يمكن النظر إليها من زوايا متعددة، بغض النظر عن تصويت الجمهور بقبول هذه الرؤية أو رفضها. وهنا يبرز التمييز المعرفي بين عمليتي النقد والانتقاد: الأول عقلاني وبنّاء، والثاني مزاجي وشخصي، رغم وضوح حق حرية التعبير التي تمر في بلادنا بتحولات متناقضة؛ من حرية تحت الرقابة، إلى حرية ممنوعة، مروراً بأصوات تدّعي الدفاع عن الحرية لكنها أحياناً تقف ضد الحقائق البديهية، مستمدة سلطتها من استفتاءات عامة على وسائل التواصل الاجتماعي.
ليس فيلم الست بحد ذاته موضوع النقاش، فذلك شأن النقّاد وشبابيك التذاكر، بل المسألة الحقيقية تكمن في حق حرية الرؤية والتفسير والتعبير. لمروان حامد (المخرج) وأحمد مراد (الكاتب) كامل الحق في تقديم رؤيتهما، وللجمهور كامل الحق في مقاطعة الفيلم أو تجاهله. أما تحويل هذا الحق إلى أداة لإلحاق الضرر بصناّع الفيلم، فذلك هو سوء الكيلة الكامل. الهجوم الشعبوي على مجرد فيلم يحوّل حق التعبير إلى نزوة عاطفية، تمس مشاعرنا الوطنية والجمالية والإنسانية، وكأن عقوبة الإساءة إلى الست يجب أن تكون الإلغاء والمعاقبة الصارمة.
أم كلثوم ليست أعلى من إديث بياف أو ماريا كالاس أو إلفيس بريسلي أو بافاروتي. هي شخصية استثنائية، لكنها إنسان، وصفاتها الإنسانية تتجاوز قدرة أي تقديم أو تقييم بشري. هذا يجعلها تراثاً حياً، وليس مجرد فلكلور يُعاد إنتاجه، بينما يحاول المجتمع خلق مواهب جديدة باستمرار. إذا كان حامد ومراد
ارسال الخبر الى: