من فيتنام إلى إسرائيل كشف التكلفة كسلاح مضاد للاستعمار العكسي

38 مشاهدة
اخبار اليمن الان الحدث اليوم عاجل

‏في الوعي السياسي التقليدي، يقوم الاستعمار على فعل رأسي تمارسه القوة العظمى على الكيان الأضعف، حيث تفرض إرادتها عبر الاحتلال العسكري أو السيطرة الاقتصادية أو النفوذ المباشر. لكن ما نشهده في الحالة (الأمريكية – الإسرائيلية) يمثل انعكاسًا لهذه القاعدة؛ إذ استطاع كيان صغير المساحة والموارد، عبر أذرعه التنظيمية وفي مقدمتها AIPAC، أن يعيد برمجة الإرادة السياسية للدولة الأقوى في العالم، بحيث تتحرك في كثير من الملفات وكأنها امتداد لمشروع خارجي. هذه الظاهرة، التي يمكن وصفها بـالاستعمار العكسي، لا تعتمد على الإكراه المباشر، بل على إعادة تعريف معايير الشرعية السياسية في الداخل الأمريكي، حتى يصبح دعم إسرائيل جزءًا من هوية السياسي الناجح، ويكون الخروج عن هذا الإجماع كافيًا لإقصائه من المشهد قبل أن يصل إلى صناديق الاقتراع، كما حدث مع شخصيات بارزة مثل سينثيا ماكيني، وبول فندلي، وتشارلز بيرسي، الذين فقدوا مقاعدهم رغم خبرتهم وشعبيتهم لأنهم تجاوزوا السقف المرسوم.

‏تفكيك هذا النمط من السيطرة الناعمة يتطلب أسلوبًا مختلفًا لا يكتفي بمواجهة الخطاب بخطاب، بل يركز على كشف التكلفة الفعلية لهذا المشروع في وعي المجتمع الأمريكي. هنا تبرز تجربة حرب فيتنام كنموذج يمكن استلهامه: ففي أواخر الستينيات كان الخطاب الرسمي يصوّر الحرب على أنها ضرورة لحماية القيم الأمريكية وصدّ الخطر الشيوعي، لكن مع مرور الوقت ظهرت أصوات من داخل المؤسسة العسكرية نفسها تكشف حجم الكارثة. قدامى المحاربين، بزيهم العسكري وجراحهم التي تحمل بصمات المعارك، جابوا المدن والجامعات وأدلوا بشهادات مباشرة عن القتل والمجازر والإنهاك النفسي والخسائر التي حجبتها القنوات الرسمية. لم يقتصر الأمر على تعداد القتلى أو الجرحى، بل شمل أيضًا الأرقام الضخمة للأموال المهدرة التي كان يمكن أن تُستثمر في الداخل، فضلًا عن التآكل الأخلاقي الذي لحق بصورة الولايات المتحدة عالميًا بعد فضائح مثل مجزرة ماي لاي. هذا المزج بين المصداقية الأخلاقية والتجسيد البشري للتكلفة نجح في قلب المزاج العام، وحوّل الحرب من قضية أمن قومي إلى عبء سياسي وأخلاقي، وشكّل ضغطًا شعبيًا ساهم في قرار الانسحاب عام 1973.

‏تطبيق هذا

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع المشهد اليمني لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح