فساد بيت حميد الدين والحوثيين

فساد بيت حميد الدين:
خلال نصف قرن، أخفقت الآلة الدعائية الإمامية في تحميل النظام الجمهوري مسؤولية تفشِّي الفساد داخل مؤسسات الدولة في اليمن، وكانت مثل هذه الأطروحة رائجة بين الأسر الإمامية التي تتعامل مع النظام الجمهوري كعدو حل بدلًا عن النظام الثيوقراطي العرقي الطائفي.
يدرك العارف بتاريخ اليمن أنَّ الفساد إحدى التركات السيئة التي ورَّثهَا الإماميون وجعلوها ثقافة سائدة في البلاد بحسب شهادات كثير من الكُتَّاب العرب والغربيين الذين زاروا اليمن أثناء حكم بيت حميد الدين، لتستمر هذه الثقافة حتى بعد سقوط حكمهم.
على سبيل المثال لا الحصر، شكا اليمنيون كثيرًا من فساد أجهزة ومؤسسات القضاء والعدل، وتأخير البت في قضايا المواطنين. وعند النظر إلى وضع القضاء في عهد بيت حميد الدين، سنجد أنَّ الفساد كان مهيمناً على القضاء. تقول جولوبوفسكايا في كتابها الذي وثَّق جوانب من تلك المرحلة: «وكان الشائع أن يماطل القاضي بالنظر في قضية ما، وخاصة فيما يتعلق بمسائل قسمة الممتلكات وحق السقي بالمياه... إلخ، وكانت تصل المماطلة بالنظر في القضايا أحيانًا إلى عِدَّة سنوات، وكانت الأطراف المتنازعة أو مُمثّلوها تضطر إلى المكوث في المدينة طيلة هذه الفترة، يستعطفون الحُكام أو يرشونهم للإسراع بالنظر في قضاياهم»( ).
وحول استخدام القضاء لإثراء القضاة والعاملين في هذا المجال، تقول المؤرخة: «ولم تُمارَس الأوامر غير القانونية في المناطق المعزولة عن المراكز فقط، بل وفي العاصمة أيضًا، فقد وسَّع مثلًا رئيس محكمة الاستئناف في صنعاء مساحة عقاراته بشكل ملحوظ، وتكون هذه التصرفات ممكنة فقط بعد إصدار الأحكام غير الصحيحة، والمتعلقة بقطع أراضي الملَّاكين الصغار والمتوسطين»( ).
وعن استغلال النفوذ وانتشار السوق السوداء وتمكين الفاسدين في المجتمع من مصالح المواطنين لتسهيل ابتزازهم وسرقتهم وبالتالي ضمان ولاء الفاسدين للإمام، تذكر المؤرخة الروسية مثالا آخر وهو «أنَّ الشاص رئيس أسرة أرستقراطية مشهورة وموظف كبير، قد حصل على آلاف الجوازات من الإمام على شكل هِبَة، وباع هذه الجوازات إلى اليمنيين الذين ينوون السفر إلى الخارج بقصد العمل بقيمة تتراوح بين 60 إلى 100
ارسال الخبر الى: