متابعات..|

كشفت أن اليمن، بقيادة صنعاء، لم يعد مُجَـرّد ساحة صراع محلي، بل تحوّل إلى لاعب إقليمي حاسم في التوازنات الجيوسياسية الدولية، خَاصَّة في منطقة البحر الأحمر، التي تشهد اليوم صراعًا محتدمًا بين الولايات المتحدة والصين على النفوذ.

وأكّـدت المجلة أن موقع اليمن الاستراتيجي جعله نقطة ارتكاز في ممرات التجارة العالمية، غير أن ما منح صنعاء ثقلًا أكبر هو قدرتها على فرض معادلات جديدة تتجاوز أدوات الحرب التقليدية، وتُربك حسابات القوى الكبرى.

في هذا السياق، اختارت الصين التفاهمَ المباشرَ مع صنعاء لضمان أمن الملاحة في البحر الأحمر، في خطوة تعكس احترامًا واضحًا لدور اليمن الإقليمي واعترافًا بقوة تأثيره. على النقيض، لجأت واشنطن إلى التصعيد العسكري، لكنها وجدت نفسها أمام قوة يمنية تزداد صلابة ولا تُرهبها التهديدات ولا التحالفات، بل تمضي في مواجهة الهيمنة الغربية دعماً لغزة وفلسطين، ورفضاً للتطبيع والانحياز الأعمى للاحتلال الإسرائيلي.

ترى “فورين بوليسي” أن بكين حقّقت مكاسب استراتيجية كبيرة من خلال تحَرّكاتها المنخفضة الكلفة، في حين تكبّدت الولايات المتحدة خسائر سياسية ومالية متصاعدة، دون أن تنجح في تقويض القدرات اليمنية أَو ثنيها عن موقفها المبدئي من العدوان الإسرائيلي على غزة. واستثمرت الصين الموقف الأمريكي المأزوم في تعزيز حضورها كقوة عادلة ومتزنة، في مقابل صورة أمريكية تزداد تشوّهًا في الوعي العالمي؛ بسَببِ دعمها المطلق لحرب إبادة لم تستثنِ طفلاً ولا مريضًا ولا مرفقًا مدنيًا في غزة.

اليمن، وفقًا لتحليل المجلة، أعاد تعريف معادلات الردع والقرار في المنطقة، حَيثُ لم يعد الطرف المستضعف، بل أصبح جزءًا من معادلة توازن دولي جديدة، يواجه من خلالها الهيمنة بقوة الكلمة والموقف والسلاح، دون أن يتخلى عن التزامه الأخلاقي تجاه القضية الفلسطينية. هذا الدور المتقدم لصنعاء يضعها في مصاف القوى التي لا تفرض شروطها فقط، بل تحميها أَيْـضاً، رغم الحصار والعدوان والتجاهل الدولي.

بينما تغرق واشنطن في مستنقع البحر الأحمر وتحالفاتها المكلفة، ينجح اليمن في إعادة التموضع بوعي سيادي ووطني، ويظهر على خارطة العالم كقوة لا تُدار، بل تُحسب حساباتها. في زمن الخنوع