تمثل في كل قطر من أقطارنا العربية و في كل بلد من بلادنا قضية بل قضايا غير أن قضية القضايا التي ارتفعت لها عقيرة الصوت العربي كانت قضية فلسطين و قد كنا كعرب ننادي بالأمس أن لو بعث لنا ملك نقاتل لاسترجاعها و تحريرها و بالفعل تعالت بالأمس الخطب و راجت الشعارات و انطلق التهديد و الوعيد و امتلأ الفضاء بمسميات تبهر الأسماع دول الطوق دول المواجهة جبهة الصمود و التصدي جبهة الرفض رفض الرفض و كثرت الأسماء و لكن بدون طالوت و هنا برز داوود محذرا من كل تلك المسميات السواقي و غيرها مما خفي خلف الصمت و راح داوود يناشد الجميع ألا يشرب أحد من تلك السواقي المعروضة فشربوا منها جميعهم و فوق ذلك أجمعوا كلهم على مـــــلاحقة داوود و مطاردته و استهداف قتله و من معه و تجريمه بأن سخروا و حرضوا عليه أبواقهم متخلين عما كانوا ينادون به في الأمس من منازلة جالوت و أن منازلة جالوت هي قضية القوم الأولى و فجأة و بعد كل تلك التهديدات و ذاك الوعيد الذي كان يتعالى تجاه جالوت تغير الحال عقبا على رأس فإذا بداوود الشقيق القريب و قد غدا هو العدو و أصبح جالوت العدو المخادع المحتال هو القريب الأقرب شرب القوم ــ إلا قليلا منهم ــ من السواقي التي نهوا عن الشرب منها و لم يعد هناك طوق و لا تصدي و لا استمر رفض و لا رفض الرفض و مضى الذين شربوا يولولون قائلين لا طاقة لنا اليوم بجالوت و جنوده و أوغلوا في موقفهم إلى نقطة أبعد من مجرد مهادنة جالوت و في الوقت نفسه أبعد من مجرد خذلان داوود و تناسى القوم ما كانوا يسمونه قضيتهم الأولى تماما كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا أنيس و لم يســـــــمر بمكـــــــة ســــــامر و ربما كان الحال من بعضه ففي بلد السعيدة وقع المجموع هنا فيما وقع فيه القوم هناك فقضية تحرير السعيدة من مشروع الخرافة و الخرافيين كأنه ــ و دعونا لا نجزم ــ لم تعد عند البعض هي القضية الأولى كما كان من قبل و لا عاد مشروع السلالة الحوثية المتخلف هو المشكلة الأكبر و المشروع الأخطــر و ربما اتجهت ســـــموم أقـــلام و تصريحات مفتراة توجه سهامها في الاتجاه الخطأ ليس نحو كسرى و مليشياته و لكن نحو سعد و من معه فصمود ســعد و تضحياته تعطيه ميزة و تميزا و هذا ما يجب هدمه بالنسبة لهذه العقلية السطحية و طمس أي أثر من مأثرة مع أن سعدا لم يباهي يوما أو يفاخر بمواقفه أو تضحياته و لا أنكر دور أحد فهل يخشى بعض إخوة المواجهة أن يدعي أخ لهم باستحقاقــات مواقفه و تضحيــــاته ــ و هو ظن منهم و سوء تقدير ــ و بالتالي يرى هذا البعض أنه لا بد من تشويهه و التشهير به و تحجيمه و حتى سحقه و إلا ما معنى مسايرة التهريج و الحملات الإعلامية لمشروع الخرافة أو الانضمام إلى تناولات حملة المباخر و كتبة تقارير البهتان إن من يضع قضية تحرير اليمن السعيد هي القضية الأولى لا ينبغي أن يوجه سهامه إلا في نحر كسرى و مرتزقته لا نحو سعد و مجاهديه و إن من يتحدث عن هدف أسمى فعليه أن يمضي لغايته بصدق و إصرار و ألا تستدرجه إغراءات في الطريق أو مناكفات الصبيان أو أحلام المراهقين