يمين فرنسا يعادي الجزائر والفقراء يدفعون الثمن
الذي يغرق لا ينقذه العناد. هذا ما ينطبق على اليمين المتطرف في فرنسا الذي لوّح بإلغاء اتفاق 1968 مع الجزائر في لحظة شدّ سياسي، لكنه غفل عن العواقب الاقتصادية التي ظهرت شرارتها منذ القطيعة الدبلوماسية بين البلدين عام 2024، ودفع ثمنها شرائح واسعة من التجار الصغار والمزارعين ومن كانت الجزائر سوقهم المفضّلة.
صحيح أن الاقتصاد الفرنسي يحتل المرتبة السابعة في قائمة الاقتصادات العالمية، بعدما كان في وقت قريب رابعاً، ومن العبث أن نقارنه بالجزائري، لكن شطحات اليمين المتطرف في فرنسا أوضحت أن زعيمته، مارين لوبان، ورجالها لا يهمهم المركز بقدر ما يهمهم تحقيق مكاسب سياسية تضمن لهم أصواتاً انتخابية من الكتلة الناقمة على المهاجرين وعلى كل ما يرمز إلى المستعمرات القديمة.
خسائر فرنسا الاقتصادية بسبب القطيعة الدبلوماسية مع الجزائر لم تعد سراً، وصرخات المتألمين من التجار والمزارعين والشركات الناشئة بدأت تُسمع. فالجزائر بوصفها مشترياً تستطيع أن تغيّر المورد متى وجدت سعراً وشروطاً أفضل، فتدفع وتتسلم من منافسين آخرين. أما فرنسا بوصفها مُصدراً، فإذا فقدت سوقاً قريبة ومنتظمة مثل الجزائر فلن تعثر بسهولة على بديل يوفّر الحجم نفسه والاستقرار نفسه وهوامش الربح نفسها. وهذا ما حدث مع القمح الفرنسي الذي كان منفذاً شبه مضمون لسنوات، ومعه محاصيل ومنتجات وخدمات مرافقة.
وبدل تبريد الأجواء لحماية شركات بلاده، انتقل اليمين إلى الاستعراض عبر التصويت الرمزي على اتفاق فقد معناه، فزاد كلفة الأزمة على اقتصاد باريس. وإذا غصنا في العمق بحثاً عن الغريق اقتصادياً، تطفو على السطح بيانات الخزانة الفرنسية لهذا العام والتي تثبت ارتفاع صادرات فرنسا إلى الجزائر بنسبة 6.6% في عام 2024 لتصل إلى 4.8 مليارات يورو، وزيادة مبيعات الحبوب بنسبة 105.6%. في المقابل، انخفضت وارداتها من الجزائر بنسبة 14.5%.
مما يعني أن الجزائر بالنسبة لباريس ليست سوقاً ثانوية، بل منفذ أفريقي رئيسي لسلع وخدمات فرنسية في الصناعة والمعدات والغذاء والخدمات، وأي توتر سياسي ينعكس بسرعة في مؤشرات التجارة وقطاع الحبوب، وهذا ما أكدته مراراً التنبيهات الصادرة من مجتمع الأعمال.
/> اقتصادارسال الخبر الى: