غزة واستعادة قائمة شندلر
يقدّم الممثل الإسباني خافيير بارديم واحداً من أجمل أدواره في فيلم No Country for Old Men (إنتاج 2007)، إذ يؤدي دور قاتل غامض بدوافع أكثر غموضاً تتعلق ببنيته السيكولوجية ومنظومته الأخلاقية المتحرّرة من أي كوابح، فالقتل ليس مهنةً بل حياة، بما هو جدوى ومعنى.
يظهر بارديم في الفيلم بوجه ضخم وشمعي، كأنه آتٍ من كوكب آخر، وتبدو نزعاته المتواصلة للقتل كأنها قدر. إنه يقتل بلا توقف، وبلا رحمة، وأحياناً لمجرد الصدفة المحضة.
وإذا عزلنا دوره عن الفيلم، فسيبدو كما لو أنه نتنياهو، فالقتل هو الجدوى والهدف. الانتقام البارد من الضحية، الملحاح والمتواصل، وتفريغ القتل من أي معنى أو حتى سياق لفهمه باستثناء السيكولوجيا الشاذة لفاعله.
أثمة مجانية هنا؟ ربما في الفيلم، أما في الحياة فثمة مأساة وقاتل وقح لا أحد يستطيع منعه أو وقفه، كما سبق لممثل الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسات الأمنية السابق جوزيب بوريل أن خلُص، ما يناقض فعلياً كل الإجماعات الإنسانية عبر التاريخ، وما لا يحظى به سوى من تحصّن بآلهة كلية القوة والقدرة، غاضبة، ولا تُسأل عما تفعل.
هذا ما يرفضه بارديم في الحياة، وهو الذي لم يتوقف منذ سنوات عن التنديد بالجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، وآخر مواقفه وصفه الجيش الإسرائيلي بالنازي، وإحالته بالغة الذكاء إلى فيلم Schindlers List (قائمة شندلر) من إنتاج 1993 وإخراج ستيفن سبيلبيرغ، لفهم فداحة جرائم الإبادة في غزة.
يقول بارديم معلّقاً في منصة إنستغرام على صورة قنّاص في الجيش الإسرائيلي يطلق النار على طفل فلسطيني: هل تتذكرون آمون غوث في فيلم قائمة شندلر؟ كان ضابطاً سادياً في قوات الأمن الخاصة النازية يطلق النار من شرفته على الأسرى لمجرد التسلية، لقد جسّد تفاهة الشر وحصانة القسوة داخل جهاز عسكري قمعي.
يؤدي رالف فينيس، بطل المريض الإنكليزي، دور الضابط النازي آمون غوث في قائمة شندلر، الذي يسرد قصة صناعي ألماني مسيحي أنقذ أكثر من ألف يهودي بولندي من المحرقة في الأربعينيات. لا يبدو ربط بارديم بينه وبين جنود الاحتلال متعسفاً، خاصة أن
ارسال الخبر الى: