غزة بين بوصلة المقاومة وسراب التسويات

47 مشاهدة

لم يعد السؤال في غزة عن تفاصيل الدمار، ولا عن مشاهد النزوح أو وجع الحصار، فهذه صور تكررت حتى بدت وكأنها فقدت قدرتها على إحداث الصدمة، لكن السؤال الجوهري الذي تفرضه اللحظة، ما الخيارات الفعلية المتبقية لغزة وشعبها وقواها الحية في ظل التغيرات الإقليمية والعالمية وانسداد أفق الحلول التقليدية؟.

هناك ميل متزايد، عربياً ودولياً، لاختزال الأزمة في غزة باعتبارها «كارثة إنسانية» قابلة للإدارة عبر معونات أو ترتيبات أمنية جديدة، في تجاهل متعمد لجذور المأساة وأبعادها المركبة، هذا الطرح يغفل أن جذور الأزمة تعود إلى منطق استعماري قديم جديد يقوم على الإخضاع، حيث يصر الاحتلال، مدعوماً من قوى الغرب وللأسف بعض الأنظمة العربية، على كسر نموذج المقاومة الفريد وتجريد غزة من هويتها النضالية عبر استراتيجية مركبة قوامها الحصار والتجويع، فضلاً عن القتل والتدمير الممنهج للبنية المجتمعية والمؤسساتية.

غزة ليست حالة فائضة عن الحاجة، بل هي اختبار حقيقي لقدرة شعب على الدفاع عن روايته وإرادة مقاومة تصر على الاستمرار، حتى وإن بدت محاصرة ومعزولة عن العالم. في لحظة كهذه، تظهر أصوات تدعو إلى التهدئة أو حتى الاستسلام ولكن بذكاء ودهاء، فتغلف ذلك بمنطق «الواقعية السياسية»، لكن أي واقعية هذه؟ وهل هذه الواقعية خارجة عن سياق الاحتلال؟ وهل يمكن لمقاومة أن تقايض كرامتها ووجودها مقابل وعود بإعادة الإعمار أو أخرى بفتح المعابر تحت وصاية إقليمية أو دولية؟ وبالتالي، فنحن أمام مشهد يعيد إنتاج الوصاية والهيمنة ولكن بأشكال أكثر قبولاً، وكأنها وصفة عالمية للسلام السريع والنجاة الفورية، لكنها نفس المضمون القديم تم تغليفه بشكل «عصري» يوحي بأننا أمام شيء مختلف.

إذا نظرنا إلى التاريخ القريب والبعيد، سنجد أن حركات المقاومة لا ترفع الراية البيضاء إلا اذا انفكت عرى صلتها بحاضنتها، وتحولت إلى أداة في يد عدوها، أما في غزة، فلا تزال المقاومة – رغم الأثمان الباهظة – التعبير الأعلى عن إرادة البقاء ورفض الخضوع أو الفناء، فجميع تجارب التحرر الوطني عبر التاريخ أجمعت على أن الاستسلام في ظل الاحتلال لا ينتج سلاما ولا يمنح

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع صحيفة الثورة صنعاء لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح