عدالة بقرون وتمشي على أربع
👁️ 26
⏱️ 11 د
A+
A-
صنعاء – غادة الحسيني
في بلدٍ تتداخل فيه السلطة بالعُرف، ويغيب فيه صوت الدولة خلف ضجيج القبيلة، برز “الثور” فجأة كـحلٍّ جاهزٍ لفصل النزاعات. وكأنه أصبح سلطةً محليةً بديلةً تحسم الخلافات في ساعاتٍ، بينما تستغرقها المحاكم لسنوات. تحوّل الثور من مجرد حيوانٍ إلى رمزٍ للحل السريع، والكفّارة، وطي صفحة الجرائم، حتى في القضايا التي تتطلب عدالةً دقيقة لا تساهل فيها.
هذا التقرير لا يروي قصة ثورٍ، بل يروي قصة دولةٍ تراجعت، وعدالةٍ انهارت، ومجتمعٍ وجد في العُرف ملاذًا بديلًا حين ضاقت به الوسائل. إنها حكاية اليمن اليوم، حيث بات الثور يفصل، والدولة تُشاهد.
في إحدى القرى الجبلية، بمديرة دمت، محافظة الضالع، كان الصباح يبدو عاديًا، حتى سمع الناس أزيز الرصاص يقطع الهدوء، في دقائق، تجمعت الوجوه، ارتفعت الأصوات، وانقلبت الحكاية من خلافٍ صغير إلى جرحٍ كبير. بعد يومين فقط، عاد المشهد مختلفًا، رجال القبيلة يسيرون في صفٍ واحد، يتقدمهم ثورٌ ضخم، يغرس حوافره في تراب القرية، يجر خلفه كل الألم.
توقفوا أمام بيت الضحية.. نطق شيخ القبيلة بكلمته، وأعلن أحدهم بصوتٍ مرتفع: “تم الفصل وانتهى الخلاف”. ربما انتهى الخلاف على الورق.. لكن في قلوب النساء، ووجوه الأطفال، وصدر الأب المكلوم، كانت الحكاية لا تزال تشهق.
في قلب المشهد القبلي، حيث تختلط الحكمة المتوارثة بقيم النخوة والمسؤولية الاجتماعية، يظل الشيخ هو الصوت الذي يُفسر العُرف ويُمثل ميزانه. ومع التحولات المتسارعة التي تشهدها البلاد، برزت ممارساتٌ قبلية، على رأسها التحكيم بــ”الثور” لتصبح جزءًا من النقاش الوطني حول العدالة، والضغط الاجتماعي، وحدود العُرف.
ولأن هذه الظاهرة لا يمكن فهمها بمعزلٍ عمن يُشرفون عليها ويتحملون تبعاتها، كان لا بدّ من العودة إلى الجانب القبلي المعروف بسجله الطويل في التحكيم وفضّ النزاعات. يقول مدير البرامج في إذاعة مأرب، مبخوت السيفي، لـ”المشاهد”: “من خلال العادات والتقاليد في مجتمعنا القبلي وحضوري وإشرافي على قضايا عديدة؛ أرى استخدام الثور (كعقيرةٍ) في
ارسال الخبر الى: