عبد الكبير الخطيبي قطع منهجي مع التركة الكولونيالية
يقرأ عبد الفتاح كيليطو رغبة صديقه عالم الاجتماع المغربي عبد الكبير الخطيبي (1938–2009)، بالعمل سائق حافلة مثلما ذكر في روايته الذاتية الذاكرة الموشومة، بأنها رغبة في التوجّه نحو هوية وفضاء جديدَين. تمثلُ هذه القراءة مدخلاً لفهم مقالات سبعة باحثين في كتاب عبد الكبير الخطيبي ورهانات تأسيس سوسيولوجيا مغربية (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2025). فسائق الحافلة، في قراءة كيليطو، استعارةٌ لشخص يصبح غريباً محترفاً لا يتنكّر لجذوره، لكنه يختار الارتحال والاغتراب، ويجد نفسه في وضعية حركة دائمة عبر العالم، قادراً على عبور الحدود بين اللغات والثقافات.
جمَع الخطيبي بين السوسيولوجيا والنقد الأدبي والكتابة الإبداعية، وأسهم مع عدد من مجايليه في صياغة معجم مفاهيمي في حقل دراسات الاستعمار وما بعده. وحين نضعه في السياق المغربي، فهو ينتمي إلى جيل ما بعد الاستقلال، وما رافق هذا الجيل من سجالات الهوية واللغة وبناء الدولة الحديثة. وتركّزت جهوده على إرساء قطيعة منهجية مع التركة الكولونيالية، من دون نفيها أو إلغائها، بل عبر قراءة متغيّرات المغرب ما بعد الاستقلال في تحديات بناء الدولة الوطنية المستقلة، وإنجاز قطيعة واعية مع شروط التبعية للاستعمار، والانتقال بالمجتمع من أوضاع التقليد إلى أوضاع جديدة من الفكر والثقافة ومبادئ الحداثة.
يضمّ الكتاب مقالَين كتَبَهما الخطيبي، يصف فيهما المشتغلين في حقل علم الاجتماع من المغاربة، في الفترة التي أسهم فيها بتأسيس معهد السوسيولوجيا في الرباط، بأنهم أيتام المجتمع، مثل محمد جسوس وبول باسكون، باعتبارهم أفراداً مريبين، بسبب ارتباط علم الاجتماع بالسياسة؛ ارتباط دفع السلطة إلى إغلاق المعهد بعد توصيات لجنة بحثت تأثير أحداث عام 1968 في فرنسا على الجامعات المغربية. هذا الارتياب الرسمي من علم الاجتماع دفع الخطيبي إلى استبدال ممارسة علم الاجتماع النظري بالتقاط علاماته في حياة الناس أنفسهم، في سلوكياتهم، وفي تفاعلاتهم اليومية مع قوى القمع التي تؤثر في المجتمع بصورة غير مباشرة، وقد أثّرت في تطوّره الخاص.
دعوة إلى معرفة التراث وضبط تاريخه من غير السقوط في سجونه
كما يعرض الكتاب، في مجمل مقالاته، مشروعَ الخطيبي الفكري من
ارسال الخبر الى: