عالم اليوم وضرورات الدولة الجامعة موسى المقطري

42 مشاهدة
في عالم اليوم المنفتح على بعضه والمتشارك في أغلب مصالحه لا يمكن لشعب أن يمتلك دعائم البقاء والعيش الكريم إلا في ظل وجود دولة جامعة تقع على مسؤوليتها إدارة مصالح شعبها وتوفير أسباب الأمن ووسائل العيش وفق أنظمة وقوانين عادلة ومهما اختلفت وتنوعت طرق الحكم وأساليبه فجميعها تصب في هذا الاتجاه كما أن الدول والأنظمة التي تجمعها الروابط الجيوسياسية في عالم اليوم تميل إلى إنشاء تكتلات اقتصادية أو سياسية أو عسكرية تحمي المصالح المشتركة لشعوبها وتحقق التكامل والترابط الذي من شأنه أن يحول الكتلة كلها إلى مصدر قوة لأجزائها المختلفة هذا هو عالم اليوم الذي يختلف بالكلية عن نسخه السابقة التي كانت مشحونة بالصراعات والتشتت ومن سوء التدبير أن نعيش عالم اليوم بعقلية الأمس ونسير بجهالة نحو التفرقة والتشتت بينما يسير الآخرون من حولنا في طريق التآلف والتعاضد وسيادة الدولة الجامعة ولن يزيدنا أي تقسيم أو تجزئة إلا وجعا جديدا إلى أوجاعنا التي خلفتها عقود من الصراع البيني الذي لا أفق له والذي كانت خاتمته انقلاب مشؤوم استهدف مشروع الدولة وأراد العودة إلى مشهد التشتت الذي عانت منه اليمن قبل التخلص من الإمامة والاستعمار لقد أثبتت التجارب التاريخية في كل مكان أن مسار التجزئة والتشرذم لم يؤد قط إلى الاستقرار أو الرخاء بل كان دائما فاتحة لسلسلة لا تنتهي من الصراعات الداخلية والفقر وسوء الإدارة وتشرذم الجهود كما أن السير في تقديم المشاريع الصغيرة بديلا عن المشروع الوطني الجامع هو دعوة للارتداد عن التاريخ الحديث الذي سعت فيه شعوب العالم إلى تجاوز الانقسامات القديمة باتجاه مشاريع التآلف والتكاتف ما لا يمكن إنكاره أن مجتمعا فيه من المشتركات التاريخية والاقتصادية والسياسية لن يبني مستقبلا آمنا لأجياله القادمة وهو منقسم على ذاته فالمستقبل يتطلب قدرة على التخطيط الطويل الأمد والتحرك بثقل موحد على الساحة الإقليمية والدولية وهو ما لا يتوفر إلا في ظل الدولة الوطنية الجامعة والمستقرة والتي تمثل المرجعية العليا والوحيدة للجميع والتي تبني قراراتها على المصالح الوطنية العليا لا على المصالح الفئوية أو الجهوية الضيقة في المجمل لا تعد الدولة الجامعة مجرد خيار سياسي بل هي ضرورة وجودية في زمن تتشابك فيه المصالح والتحديات وفي غياب الدولة الوطنية الجامعة يصبح البلد والشعب والثروة مطمعا للغير وعرضة للنهب والاستغلال وتتحول الجغرافيا إلى ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات التي لا تخدم إلا مصالح أصحابها دمتم سالمين

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع الصحوة نت لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح