في ظروف غامضة

يمنات
د. لجين الغصن – سوريا
تعبتُ…
لا من وطأة التعب، بل من تشابه المعاني،
من دوران الأسئلة حول نارٍ لا تَبرد،
ومن قلبٍ
أضاعَ ظِلَّهُ في مرآةٍ مكسورة.
تعبتُ،
فأدركتُ أن الحبَّ
لا يُثقلُ القلبَ،
بل يمنحه أجنحةً لا تُرى —
يُحلّق بها نحو رضًا لا يُقال،
ونحو نجمةٍ
تنطفئ في الخارج، وتُشعلُني.
عرفتُ أن الشقاءَ ليس قدَرًا،
بل اختراعُ من لا يُبصر اللهَ
في مرايا الضعف.
درتُ على الأرضِ
كما يدورُ نَدمٌ حول حافةِ الكلام،
أفتّشُ عن سرٍّ
ينكرُ نفسه، ويوقنُ أنه أنا.
—
رأيتُ بلادَ الشرقِ…
تُبصرُ بعينٍ واحدة،
وتنامُ على جهةِ التاريخ،
تُرمّمُ ضوءًا انكسرَ
قبل أن يولد.
أما الغربُ،
فهو ظلُّ فكرةٍ تائهة،
بصيرةٌ تقفُ على رأسها،
تراني حين لا أكون،
وتغيب حينَ أقترب.
—
كبرتُ…
حين صارت الحياةُ لديّ
خيطَ عبورٍ هشّ،
لا يُقاس بزمنٍ
يسير على عكازٍ من وهم.
وتعبتُ…
من تعبٍ يتسللُ مثل ندبة،
من صوتِ الحنين في طائراتِ الليل،
من حديثِ العشّاق على هامشِ الغياب،
من حلاوةِ الكلامِ ومراره،
ومن غيرةِ إبليس —
حين يختبئُ ثالثاً
بين اثنين.
لكنّنا كنا نضحك…
حين يشاءُ الحبّ.
—
تعبتُ،
حين دقَّ الأملُ
بابَ الأملِ
في مساءٍ فقد اسمه من فرط النسيان.
عبرتُ طريقَ الظلام،
بكلمة: نعم.
ففعلتُ كما شِئتُ —
لكنّه لا يشاءُ…
إلا الله.
فلا مشيئةَ لشيءٍ
إلا إذا شاءَ الرحيم.
وسلامهُ…
ينزلُ علينا
كما ينزلُ السلامُ على دارِ السلام.
أنا لستُ وحدي،
لكنني أمشي كمن فقدَ ظِلَّهُ
في زحمةِ الضوء.
—
أبحثُ عني…
في انكسار الزجاج،
في الحنين إلى ما لم يحدث،
في صلاةٍ
تعثّرت باسم الله —
فأكملتها دمعة.
أقول: من أنا؟
تردّ البلاد:
غريبٌ —
ترك ظلَّه على المدى،
ومضى.
أقول: يا حبّ،
هل كنتَ وجهًا؟
أم استعارةً من زمنٍ
بلا نهاية؟
وأسكت…
فيسبقني اللهُ إلى قلبي،
وينبت في صدري
سلامٌ لا يُشبه أحدًا.
—
لكنّي،
ما زلتُ أؤمن،
أن الحبّ — وإن أتعبنا —
هو الطريقُ الوحيد
الذي يُنبتُ
ارسال الخبر الى: