طيب تيزيني التأويل ليس ترفا فكريا
طيِّب تيزيني (1934- 2019) صاحب مشروع رؤية جديدة للفكر العربي في العصر الوسيط ومقدمات أولية في الإسلام المُحمَّدي الباكر ومن ثلاثية الفساد إلى قضايا المجتمع المدني.
المُثيرُ للحُزن والأَلم أنَّ حفاري القبور في سورية القديمة دفنوه بسرعة وهو الفيلسوف الذي عدَّته مؤسَّسة كونكورديا الفلسفية الألمانية الفرنسية عام 1998 ضمن قائمة أهم 100 فيلسوف في العالم
اعتقلته السلطة الضبعية في بداية الثورة السورية (مارس/ آذار 2011) وسَالَ دَمَهُ إثر مشاركته في اعتصام وزارة الداخلية، لم يكن لِيَصيغَ فلسفةً روحانية شرقيةً تتاجرُ بالإنسان باسم اللاهوت، بل بنى أنسقةً فلسفيةً من منهجٍ مادي جدلي، كانت بمثابة تأويل فلسفي للقضايا الدينية والمدنية، والذي كان قد رحل يوم 17/5/2019، ودُفِنَ في القبر رقم 10 في مقبرة تل النصر في حمص، ولم يُشيِّعه سوى 30 شخصاً من أهله وأصدقائه، كما يروي صديقه المثقَّف المسرحي عبد الكريم عمرين؛ وكأنَّ الميِّت بائعُ أجبان أو خضار، وليسَ فيلسوف أُمَّة؛ الفيلسوف الذي قال قولته الشهيرة لمَّا انفجرت الثورة السورية في مارس/ آذار 2011 وقام النظام بقتل المتظاهرين وسحلهم في الشوارع: هَلْ هُناكَ مَنْ يقتلُ شَعبَهُ؟.
المُثيرُ للحُزن والأَلم أنَّ حفاري القبور في سورية القديمة دفنوه بسرعة وهو الفيلسوف الذي عدَّته مؤسَّسة كونكورديا الفلسفية الألمانية الفرنسية عام 1998 ضمن قائمة أهم 100 فيلسوف في العالم، ودون احترامٍ لجثَّة الميِّت حسب الأعراف الدينية الإسلامية، وهو الدينُ الذي قام بقراءة نَصَّيهِ السماوي كما الأرضي، قراءةً نقديةً وفق المنهج المادي الجدلي، وقد يكون لفعلتهم هذه سببٌ آخر هو أنَّهم استنتجوا أنَّ جُثَّة د- طيِّب تيزيني إنَّما هي لرجلٍ أفَّاكٍ يروِّج للعودة إلى الوثنية وللإباحية الفاسقة. وبذلك ينتقمون منه إرضاءً لمشايخهم الذين ما انفكوا يحاربونه؛ يُحاربون الفكر العقلاني العلماني الناقد الذي يقتلعُ الجذورَ التاريخية للَّاهوت؛ ما يُذكِّرنا بموقف أبي حامد الغزالي في ازدرائه وهجومه على الفلسفة أو على العقل، فلا يُفكِّر إلاَّ في طاعة الله حسب تفسير الفقهاء ومشايخ السياسة، هذه الطاعة التي يُقمّصونَ بها السلطان قميص الاستبداد، فيفتكُ بالعباد والبلاد على هواه؛ وباسمِ الله،
ارسال الخبر الى: