شهداء القيادة اليمن يواصل الطريق
يمني برس – بقلم – أحمد إبراهيم المنصور
لم تكن صنعاء في مساء الخميس مدينة هادئة كما اعتادت أن تكون عند غروب الشمس، عندما تختلط أصوات الباعة في الأسواق بروائح البن المحمّص، بل كانت السماء مشبعة برائحة الدخان والبارود، وصوت الانفجارات يخترق الأزقة الضيقة كأن المدينة كلّها تتحول إلى صدرٍ واحد يئنّ ويتنفس بصعوبة. من نافذتي رأيت ألسنة اللهب ترتفع، والدخان يلف سماء العاصمة كوشاح أسود، والناس في الشوارع يتلفتون مذهولين، بعضهم يركض لنجدة الجرحى، وبعضهم يرفع رأسه للسماء متسائلاً: كيف يظن هذا العدو أنه سيكسر عزيمتنا بهذه الغارات؟!
وبينما كانت صنعاء تحت القصف، كان صوت السيد عبدالملك الحوثي يتردد في البيوت والقلوب معاً. خطابه مساء الخميس بدا مختلفاً؛ حمل فيه مشعل الفخر حين أعلن عن تطوير رؤوس “فلسطين-2”، وعن ضربات اليمن التي وصلت إلى عسقلان ويافا، وأرغمت الطيران في مطار بن غوريون على التوقف. كنت أستمع وقلبي يخفق بقوة، ورأيت وجوه الناس من حولي في الحي، يتابعون بعيون لامعة فيها مزيج من التعب والأمل. قال جار لي وهو يصفق للشاشة: “شفت كيف؟ هذا الكلام يشرح الصدر، يخلي الواحد يحس إن تعبنا ما بيروح هباء.”
لكن العدو لم ينتظر كثيراً ليردّ، فاختار توقيتاً غادراً ومتعمداً، وقصف في اللحظة نفسها ورشة عمل حكومية في قلب العاصمة. كانت الغارات ليست على مواقع عسكرية، بل على وزراء اجتمعوا لتقييم عملهم السنوي. وارتقى في تلك اللحظة رئيس حكومة التغيير والبناء أحمد غالب الرهوي وعدد من رفاقه. استشهدوا وهم يحملون أوراق عملهم، لا بنادقهم، في مشهد يكشف أقصى درجات الجريمة والجبن. أي رسالة أراد العدو أن يبعثها حين ضرب أحياءً سكنية مكتظة وأزهق أرواح قيادات وطنية؟ وهل يظن أن ذلك سيربك مؤسسات الدولة أو يكسر روح اليمنيين؟ الواقع جاء عكس ما أراد؛ فما إن أشرقت شمس الجمعة حتى كانت ساحات صنعاء وميدان السبعين يفيض بملايين البشر، في حشود لم يشهدها حتى أكثر المتفائلين. كأن دماء الرهوي ورفاقه صارت وقوداً دفع الناس إلى الساحات بقوة مضاعفة.
ارسال الخبر الى: