لا سيادة للاستعمار الصهيوني
أكدت محكمة العدل الدولية مجدداً ما تحاول قوى التطبيع والهيمنة طمسه: الاحتلال الصهيوني لا يملك أي سيادة أو شرعية على الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية. رأي المحكمة الأخير ليس إجراءً قانونياً عابراً، بل إدانة صريحة لنظام استعماري إحلالي يواصل جرائمه في غزة والضفة والقدس، تحت غطاء صمت دولي وتواطؤ أميركي فاضح. القوة القائمة بالاحتلال لا يمكن أن تُعامل فوق القانون، وهذه مسؤولية فلسطينية أولاً، بدعم عربي ودولي واعٍ بأن السلام الحقيقي لا يقوم على توسيع اتفاقيات التطبيع، بل على إنهاء الاحتلال ومحاسبته.
الكنيست وحكومته اليمينية ـ الدينية المتطرفة، التي تغذي مشاريع الضمّ والاستيطان تحت غطاء توراتي، تكرّس الإرهاب الاستيطاني والتطهير العرقي. وما يُرتكب من جرائم حرب وإبادة واستهداف لمؤسسات إنسانية كـأونروا، ليس تجاوزات عرضية، بل سياسات ممنهجة لإلغاء الوجود الفلسطيني ونفي حق العودة. وأي حديث عن سلام تطبيعي أو شراكات إقليمية لا يعدو كونه محاولة لتبييض هذا المشروع الاستعماري وإعادة تسويقه على أنقاض الحق الفلسطيني الثابت في الحرية وتقرير المصير. جوهر القضية هو الاحتلال ذاته لا مفاوضاته المفككة ولا مخرجات اتفاقات نسفت أساساتها ميدانياً، وعلى رأسها اتفاق أوسلو. أي اتفاق أو مبادرة تتجاهل هذه الحقيقة تشرعن الجريمة وتكرس واقع أبرتهايد فعلي. لذلك تقع اليوم على منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية مسؤولية طيّ مرحلة التردد والانقسام، والانخراط في استراتيجية مواجهة شاملة، ولو سياسية وقضائية واقتصادية، تدفع نحو مقاطعة ومحاصرة الاحتلال، مستلهمة تجربة تفكيك نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا سابقاً، ومستندة إلى حق الشعوب في مقاومة الاحتلال بكل الوسائل المقرّة بالقانون الدولي.
محكمة العدل الدولية نطقت برأيها؛ والآن الدور على الفلسطينيين وأحرار العالم لتحويل هذا الحكم إلى فعل سياسي وميداني حاسم. يجب أن يكون الموقف قادحاً يكشف وجوه الاحتلال ويعزله دولياً ويقوّض شرعيته الأخلاقية والسياسية، وصولاً إلى تحرر وطني وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس. وأي تكرار لما تلا رأي المحكمة بشأن جدار الفصل العنصري (2004) يعني إهداراً للزخم ودفعاً لثمن فادح. هذه المسؤولية تقع بالطبع على عاتق الطرف الفلسطيني،
ارسال الخبر الى: